جورج شاشان
بروكسل – مطاكستا ++
على خلفية مشاركة المنظمة الاثورية الديمقراطية( مطكستا-ADO ) في سينودس الاساقفة والذي عقد للفترة مابين 10-24 من الشهر الجاري، اجرى موقع ADO- WORLD لقاءا موسعا مع مسؤول فرع اوروبا عبد الاحد اسطيفو، حيث تم التطرق للاجواء التي سادت السينودس والتوصيات والمناقشات العامة وهل كان البيان الختامي للسينودس الحد الادني مما كان يتطلع له ابناء شعبنا.
أسئلة طرحت على مسؤول مطكستا فرع اوروبا ، وستطرح على ممثلي كنائس واحزاب شعبنا.
س/ كيف كانت أجواء سينودس الأساقفة من اجل الشرق الأوسط الذي عقد في روما من العاشر حتى الرابع والعشرين من هذا الشهر ؟
إن اجتماع ومشاركة أكثر من 177 عضو من إكليروس الكنيسة الكاثوليكية برئاسة البابا بينيديكتوس السادس عشر، بالإضافة إلى مطارنة الكنائس الشقيقة الأخرى والمدعوين الخاصين، يعد بلا شك حدثا مميزا وفرصة نادرة للقاء كرادلة وبطاركة ومطارنة وأساقفة هذه الكنائس والتعرف عليهم عن كثب والحديث معهم بكل صراحة عن أوضاع المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط ، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة والخطيرة التي يعيشونها والتي تهدد وجودهم وبقائهم في أوطانهم.
لقد أتاحت لنا الزيارة التي قمنا بها كوفد من المنظمة الآثورية الديمقراطية التأكيد أولا على الحضور والتعبير القومي والسياسي لشعبنا في هذا المنبر الكنسي الواسع، خاصة أن مؤسسات وفعاليات شعبنا كانت غائبة أو بعيدة عن الحدث رغم أهميته وتأثيره على الساحتين الدينية والقومية. وثانيا، وفي أطار المذكرة التي أرسلناها إلى هذا السينودس عند افتتاحه، أجرينا لقاءات ثنائية مع العديد من بطاركة ومطارنة كنائس شعبنا، تم فيها بحث أوضاع شعبنا الكلداني السرياني الأشوري والتحديات التي تواجهه والعقبات الكثيرة والصعبة التي يتعرض لها في دول الشرق الوسط وخاصة في العراق.
س/هل نتائج أعمال هذا السينودس وتوصياته كانت على مستوى ما كنتم تتوقعونه ويلبي طموحات شعبنا ؟
إن شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، كغالبية مسيحيي الشرق الأوسط، يعيش أوضاعا صعبة وقاسية ويعاني أشكالا من التمييز والتهميش والحرمان من حقوقه القومية والإنسانية ، وأصبح بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 هدفا سهلا لكل أنواع الإرهاب من قتل وخطف واعتداء على الممتلكات وتفجير للكنائس، مما أدى إلى موجة نزوح وهجرة قسرية واسعة, إن ما نعيشه اليوم حقا هو إبادة جماعية معلنة للوجود المسيحي في العراق.
ففي هذه الأجواء المأساوية، تفاءل شعبنا المسالم في الدعوة التي وجهها البابا بينيديكتوس السادس عشر لعقد جمعية خاصة للسينودس الأساقفة تحت شعار: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط: شركة وشهادة، معتبرا أن عقده يعكس اهتماما وحرصا عميقا من الفاتيكان على مصير ومستقبل المسيحية والمسيحيين في هذه المنطقة التي شهدت انطلاق الخطوات الأولى للمسيحية،إذ أن هذا السينودس لن يسلـّط الضوء فقط على مآسي ومعاناة مسيحي المنطقة ويحذر من مخاطر إفراغها من سكانها الأصليين، إنما سيعملون ايضا على اتخاذ الإجراءات الضرورية العاجلة لدعم وحماية المسيحيين المتبقيين في الشرق الأوسط وتوفير الأجواء الملائمة لعيشهم بكرامة وآمان في أوطانهم.
ونحن في المطكستا طالبنا في مذكرتنا التي أرسلناها إلى السينودس، العمل على حث حكومات المنطقة على اتخاذ قرارات كفيلة بتطوير مستوى الحياة وإيقاف كافة أشكال التميز القومي والديني، واحترام قضايا التنوع والتعدد بكل أشكالها من خلال إشاعة الحريات، وترسيخ مفاهيم العلمانية والمواطنة بين كافة المواطنين دون تمييز. كماكنا في المطكستا ننتظر من السينودس أن يدعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري خاصة في العراق، بالاعتراف الدستوري بوجوده ووحدة هويته القومية وضمان كافة حقوقه، بما في ذلك حقه في الحكم الذاتي، و كنا نتطلع إلى دعم وتأييد السينودس لندائنا بوقف المضايقات والتجاوزات التي يتعرض لها شعبنا في العديد من دول المنطقة مثل تركيا وسوريا.
لكنني أقولها بكل صراحة وصدق وبعيدا عن التصريحات والأقوال المبالغ بها وغير الصحيحة التي نشرتها وتداولتها وسائل الإعلام، مستندا على الوثائق الرسمية التي صدرت عن الأمانة العامة لسينودس الأساقفة وعلى وقائع المؤتمر الصحفي الختامي الذي عقد يوم السبت 24 تشرين الأول والذي حضرته شخصيا: أن أحوال وأوضاع شعبنا الكلداني السرياني الآشوري خصوصا والمسيحيين عموماً في العراق لم ينل سوى ثلاثة اسطر ونصف (فقرة 3.3 ) وسطر وربع (فقرة 11 ) من الوثيقة الرسمية (رسالة إلى شعب الله) التيصدرت عن الأمانة العامة للسينودس. وهذه الأسطر كتبت في سياق عام وبأسلوب إنشائي، وهذا رغم المداخلات الجريئة والصريحة التي قدمها بعض أساقفة كنائسنا في العراق. كما لم تحتوي التوصيات إل 44 التي سترفع إلى البابا بينيديكتوس السادس عشر على أية خطوات ملموسة أو قرارات قابلة للتنفيذ حول قضية إيقاف نزيف التهجير ونزوح مسيحيي العراق، أودعم الوجود المسيحي في المشرق، أو أية مبادرة واضحة وعملية لترسيخ مبادئ العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين وبقية الأديان.
إن الجمعية الخاصة من اجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة خرجت بتوصيات روحية وكنسية تتعلق بمسائل الشركة والشهادة بين الكنائس، وهذا دون شك من أولويات مهامها، لكن نسيت أو تناست أن الأزمات السياسية والاجتماعية والدينية تتفاقم يوما بعد يوم في المنطقة، والوضع الراهن لمسيحي الشرق عامة والعراق بشكل خاص لم يعد يحتمل الانتظار والتفرج وحسابات المصالح الآنية الضيقة.
لذلك أقولها خلاصة، أن نتائج أعمال هذا السينودس وتوصياته لم تكن على مستوى توقعات وطموحات شعبنا لمواجهة التحديات والماسي التي يعيشها ويعاني منها اليوم.
كما ان لدينا علامات استفهام كبيرة حول أسباب ودواعي مداخلة البطريرك الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي وحديثه عن "السلام والحرية" الني يعيشها شعبنا في العراق مناقضا بذلك كل مداخلات ومواقف بقية أساقفة كنائسنا في العراق.
بالمناسبة وعند ختام أعمال السينودس وكرد فعل على الخيبة من نتائجه، اقترحنا على بعض بطاركة وأساقفة كنائس شعبنا فكرة الدعوة إلى "سينودس مصغّر" كلداني سرياني آشوري في روما هدفه لملمة الوضع وتوجيه رسالة وحدة ، وكحد أدنى إذا لم يتسنى لهم ذلك، طلبنا التقاط صورة جماعية لهم، قد تبعث الأمل والسرور في نفوس شعبنا، لكن مع الاسف حتى هذا الاقتراح لم يلق آذانا صاغية.
على أية حال، علينا أن نذكر بالمقابل أن التوصية 28 تدعو إلى العمل على توحيد تاريخ الاحتفال بعيدي الميلاد والفصح، وكذلك التوصية 29 التي اقترحها المطران يوحنا إبراهيم، ممثل الكنيسة السريانية الأرثوذكسية, وتبناها السينودس لتأسيس عيد سنوي مشترك لشهداء كنائس الشرق، وأملنا كبير أن تجد هاتين التوصيتين طريقهما للتطبيق.
س/ كيف تفسرون تركيز البيان الختامي للسينودس الخاص بمسيحيي الشرق الأوسط على الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني؟
بداية، كلنا يعرف أن الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني الذي يعود إلى الأربعينيات من القرن الماضي ادخل المنطقة بدوامة من الحروب والعنف، تدفع شعوب المنطقة ثمنها دما وفقرا وبؤسا. كما أن استمرار هذا الصراع واستغلاله من قبل الأنظمة الشمولية لدول المنطقة أديا إلى غياب الحريات، وانعدام الاستقرار، وتصاعد التيارات الدينية المتطرفة التي غذت كل أشكال التطرف والتعصب وأنهكت جميع شعوب المنطقة وأعاقت خطط التنمية وعملية التحول الديمقراطي في دولها.
وكذلك جميع مراقبي أوضاع المنطقة يعرفون حق المعرفة أن التحديات وسياسات التميز القومي والديني التي يعاني منها مسيحي الشرق الأوسط، من مصر إلى فلسطين وإسرائيل مرورا بالأردن وسوريا ولبنان والعراق حتى تركيا وإيران، جميعها مترابطة ومتداخلة وتداعياتها متجذرة في الذاكرة الجماعية لمسيحي الشرق.
لكن ما لم نفهمه هو التركيز والالتفاف وتسليط الأضواء الذي جرى في مداخلات الأساقفة الذين شاركوا في المؤتمر الصحفي الختامي على قضايا ومواضيع لاهوتية وسياسية وجغرافية وتاريخية وربط بعضها البعض وإسقاطها في إطار الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني القائم، مستخدمين تعابيرا ك " الدولة اليهودية "، و " ارض الميعاد"،و "شعب الله المختار" لإدانة واستنكار سياسات الحكومة الإسرائيلية، التي نستنكرها نحن أيضا، ولكن نتساءل لماذا هذه المواقف المتشددة والصارمة التي عبر عنها الأساقفة وفاجأت المراقبين، في حين لم تؤخذ نفس المواقف تجاه التهديدات وسياسات التميز القومي والديني التي يعاني منها مسيحي دول أخرى في الشرق الأوسط ؟ لماذا لم يدعم السينودس فكرة تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف الجهات التي تقف وراء قتل المئات من المسيحيين الأبرياء, بدا من الشهداء المطران بولس فرج رحو، القس بولس اسكندر، القس منذر السقا، القس يوسف عبودي، القس رغيد والشهداء الشمامسة؟
أسئلة كثيرة اعتقد أن الاجابة عنها في حاضرة الفاتيكان.
كلمة أخيرة؟
سيعود بطاركة ومطارنة كنائس شعبنا إلى مقراتهم وأبرشياتهم، لكن هل لديهم ما يقولونه لرعاياهم للبقاء في أوطانهم الأصلية والاستمرار في العيش بحرية وكرامة وترسيخ مفاهيم الشركة والشهادة في مجتمعاتهم.
هل سينطلق قطار الفاتيكان من روما إلى محطات شرقية؟ وإذا انطلق يوما، هل سيبقى مسيحيون في محطات الشرق لاستقباله ؟
بروكسل 27 تشرين الأول 2010م 6760 آ