جميل دياربكرلي
حلب(سوريا) – عنكاوا كوم/ خاص ++ التقى موقع "عنكاوا كوم" مع نيافة المطران مارغريغوريوس يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس بعد عودته من روما التي كان متواجدا، للمشاركة في سينودس الاساقفة الجمعية الخاصة من اجل الشرق، وكان معه هذا اللقاء:
صاحب النيافة عدتم من روما وفي جعبتكم أخبار كثيرة، ما هو انطباعكم الأولي لسينودس الأساقفة الجمعية الخاصة من اجل الشرق الأوسط؟
بداية اود أن أشكر موقع "عنكاوا كوم" لأنه كان يغطي إعمال السينودس بالتفصيل، حتى أننا كنا نستغرب من أين يستقي الموقع معلوماته، أو أنَّ مندوباً يمثله كان حاضراً معنا. هذه التغطية الإعلامية الواسعة أراحت الكثيرين من القراء لأن السينودس، كان حدثاً هاماً جداً، وكان الكلّ في الشرق الأوسط يتطلع إلى أن يعرف ماذا يجري في أروقة الفاتيكان بخصوص المسيحيين في الشرق الأوسط. انطباعي الأول أن السينودس نجح في أكثر من شأن، أولاً أستقطب الرأي العام العالمي، ولهذا فالإعلام الغربي أعطى أهمية بالغة لهذا الحضور المكثف للكرادلة والبطاركة والأساقفة الذين جاؤوا، خاصة من الشرق الأوسط، ربما هي المرة الأولى التي يجمع فيها الفاتيكان قادة الكنائس الشرقية الكاثوليكية بهذا الحجم بعد المجمع الفاتيكاني الثاني في أوائل الستينيات من القرن الماضي فكان بين الحضور تسعة بطاركة شرقيين، و20 كاردينالاً، وأكثر من 150 مطراناً وأسقفاً يمثلون الشرق الأوسط أي الدول العربية جميعها بما فيها المغرب العربي وتركيا وإيران، كما كان عدد من العلمانيين رجال ونساء.
إذاً أنتم تنظرون لهذا الحدث الكنسي الكبير من زاوية العدد؟
طبعاً، الكم يقترن بالنوع، لأن الذين جاؤوا من هذه البلدان يمثلون القيادات الكنسية بكل أبعادها.
هل كان بين الحضور عدد من الكرادلة؟
طبعاً، أعتقد أن عدد الكرادلة كان بحدود العشرين من بينهم 3 كرادلة شرقيين وبعد ذلك عين البطريرك أنطونيوس نجيب كردينالاً. كما كان عميد الكرادلة حاضرا، وأمين سرّ دولة الفاتيكان، ورئيس دائرة الحوار بين الأديان، ودائرة العدل، ومجمع الكنائس الشرقية، والمجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين وغيرهم من أركان حاضرة الفاتيكان.
هل نستطيع أن نعرف ماذا جرى في الأيام الأولى من السينودس؟
في الحقيقة كنا أمام تقريرين مهمين، الاول، تقرير الأمين العام للسرّ نيكولا أيتروفيتش الذي ركزّ فيه على بعض البيانات الإحصائية، ثم دخل في أسباب الدعوة، لهذه الجمعية الخاصة من أجل الشرق الأوسط، فأعطى ملاحظات ذات طابع منهجي، وكان هذا التقرير بمثابة مفتاح من خلاله تعرفنا على معنى شعار السينودس : شركة وشهادة، ولماذا استخدمت كلمات سفر أعمال الرسل " وكان جماعة المؤمنين فلباً واحداً وروحاً واحدة". والثاني تمثل في التقرير الذي اعده غبطة الأنبا أنطونيوس نجيب بطريرك الأقباط الكاثوليك، واحتوى على عرضاً مفصلاً مدروساً، تناول فيه ثلاثة مواضيع هامة، أولاً : الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط، من حيث وضعها والتحديات التي تواجهها، وردود المسيحيين في حياتهم اليومية. ثانياً: الشركة الكنسية بين الكنائس أولاً، وبين الأساقفة والإكليروس ثانياً، وثالثاً ماذا تعني الشهادة في الكنيسة وأين يبرز دور التعليم المسيحي واللتورجيا والعلاقات المسكونية والعلاقات مع اليهودية، ومع المسلمين. والشهادة في المجتمع والإسهام النوعي من المسيحيين في الشرق، وأخيراً أي مستقبل لمسيحيي الشرق الأوسط. هذا العرض هو الذي فسح المجال أمام أكثر من 100 مداخلة ساهمت في الوصول إلى رسالة عامة، وتوصيات وجهها السينودس إلى الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط.
إذا بعد السينودس توجد عندنا رسالة عامة وجهها آباء السينودس إلى أبناء الكنيسة الكاثوليكية في الشرق، وتوجد عندنا توصيات، هل يمكن أن نتعرف على فحوى رسالة الآباء؟
الرسالة كنت أتمنى أن تكون أقوى مما هي عليه الآن، لقد تضمنت معنى الشركة والشهادة على مدى التاريخ، ثم داخل الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط، ومع الكنائس الأرثوذكسية، والإنجيلية في الشرق الأوسط، والتعاون وحوار الحياة مع اليهود والمسلمين ونداء إلى الحكومات والقادة السياسيين، وآخر للأسرة الدولية, وأخيراً الاستمرار في الشهادة بالحياة الإلهية. هذه الرسالة ستعبر دائماً عن طموحات القادة المسيحيين. أنا أتصور انه كان يجب أن تكون هذه الرسالة الختامية أقوى في نظرتها لمستقبل المسيحيين في الشرق. خاصة من حيث أن هذا النزيف الدائم للهجرة لن يتوقف بمن طوت عليه هذه الرسالة الختامية. أما اللائحة الموحدة للتوصيات فهي معبرة أكثر لأنها تناولت كل المواضيع التي دارت في مناقشات آباء السينودس فللحضور المسيحي في الشرق الأوسط 12 توصية، وللشركة الكنسية سواء كانت داخل الكنيسة الكاثوليكية أي ما بين الأساقفة والكهنة والمؤمنين أو مع الكنائس والجماعات الكنسية 14 توصية، وأخيراً للشهادة المسيحية أي التنشئة المسيحية واللتورجيا والحوار بين الأديان 13توصية، وثلاث توصيات للمقدمة، واثنتان للخلاصة أي مجموع التوصيات 41 توصية.
هل نستطيع أن نتعرف مثلاً على بعض توصيات الحضور المسيحي؟
في رأيي أن التوقف عند الأرض في التوصية رقم 6 هو الأهم لأنه يتحدث عن التعلق بالأرض الأم الذي هو عنصر أساسي من هُوِّية الأشخاص والشعوب، وبما أن الأرض هي مساحة حرية، لهذا فيجب على الجماعات الكنسية عدم الاستسلام لتجربة بيع أملاكهم العقارية، بل مساعدة المسيحيين، للمحافظة على أرضهم ولشراء أراضي جديدة والسعي دائماً إلى استرجاع المفقود منها والمؤمم، وفي هذا الباب وفي التوصية 10 ترسيخ وجود المسيحيين، وهذا يدخل ضمن إطار الهجرة.
وماذا عن الشركة داخل الكنيسة الكاثوليكية؟
أعتقد أن مطالبة المشاركين بضرورة امتداد ولاية البطاركة الشرقيين على الأشخاص التابعين لكنائسهم، أينما وجدوا في العالم، كان من التوصيات المهمة، وبعدها تأتي توصية استخدام اللغة العربية بشكل أوفر في دوائر الكرسي الرسولي واجتماعاته الرسمية، وفي هذا المجال أيضاً كان الحديث واضحاً عن دراسة إمكانية قيام كهنة متزوجين بالخدمة خارج الرقعة البطريركية، وضرورة منح العلمانيين دوراً اكبر من خلال المشاركة في مسؤوليات الكنسية، أما في الشركة مع الكنائس والجماعات الكنسية فالتوصية رقم 28 تحدث عن الحركة المسكونية، ورقم 29 تأسيس عيد سنوي مشترك لشهداء كنائس الشرق. وفي التوصيات من رقم 30 إلى 44 التفات واضح إلى التنشئة ووسائل الإعلام والأسرة والشباب واللتورجيا والحوار بين الأديان خاصة اليهودية والإسلام.
صاحب النيافة هل من توصية في موضوع متابعة السينودس؟
نعم، ففي التوصية 43 دعا إلى إنّ الكنائس التي شاركت في السينودس مدعوّة لأن تلجأ إلى الوسائل الكفيلة بتأمين متابعة السينودس، وذلك بالتعاون مع مجلس البطاركة الكاثوليك في الشرق، والمؤسّسات الرسميّة في الكنائس المعنيّة.
وأين دور الكنائس غير الكاثوليكية؟
لقد حضر ممثلو الكنائس الأرثوذكسية(إسكندرية، أنطاكيا، قبرص)، ومن الكنائس الشرقية الأرثوذكسية الأقباط(الإسكندرية)، السريان(أنطاكيا)، الأرمن(أتشميادزين)، الارمن(كيليكيا) ، والكنيسة الإنكليكانية(إنكلترا)، واللوثرية(القدس)، وكنيسة المشرق الآشورية، ومجلس الكنائس العالمي.وأذكر هنا بأن الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي أتصل بي هاتفياً وطلب أن أمثل المجلس وأنوب عنه، وأتلو رسالته إلى السينودس.
وهل كان لهم دور في المشاركة؟
في قاعات الاجتماعات أعطي لممثل كل كنيسة الدور في أن يقول كلمة طائفته، لمدة تزيد عن عشر دقائق، أما في المجموعات الصغرى فكان المجال أوسع.
نريد أن نسمع من نيافتكم ماذا تضمنت مداخلتكم؟
أولاً أنا مثلت كنيسة أنطاكيا السريانية بتكليف من قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبي، الذي له خبرة واسعة في هذا المجال خاصةً وأنه مثّل الكنيسة في المجمع الفاتيكاني الثاني بصفة مراقب، وقد وجّهني بأن أتابع أخبار هذا السينودس، وأبدي وجهة نظر قداسته في قضايا هامة، خاصةً في موضوع هجرة المسيحيين من الشرق، وأبعاد الحركة المسكونية في حياة الكنائس، وأخيرا الحوار المسيحي الإسلامي.
وهل كانت لكم اقتراحات؟
نعم، قدمت ثلاثة اقتراحات وهي: الأولى توحيد عيد الفصح وقد جاءت على لسان أكثر من واحد من آباء السينودس، ذلك لأن توحيد عيد الفصح هو خطوة نحو الأمام بطريق الوحدة المسيحية. والاقتراح الثاني مفاده بان كنائسنا هي كنائس الشهداء، وكلنا قدمنا شهداء في التاريخ القريب ودماء شهدائنا أصبحت بذاراً للإيمان، فلماذا لا نؤسس لهم عيداً تلتزم به كل كنائسنا. أما الاقتراح الثالث فكان اقتراحا مبنياً على دراسات تتعلق بإعادة الوحدة في الإيمان إلى حياة كل الناس، فطالبت بفصل الشراكة عن الولاية والسلطة، وقلت لقداسة البابا ما هو المانع بأن أكون أنا السرياني الأرثوذكسي في شركة الإيمان معك وأن لا تكون لك ولاية أو سلطة عليَّ.
وماذا قالت التوصيات عن هذه الاقتراحات التي قدمتموها صاحب النيافة؟
في التوصية رقم 6/28 جاء العمل على توحيد تاريخي الاحتفال بعيد الميلاد والفصح، أما التوصية رقم 29 فلقد جاء فيه تأسيس عيد سنوي مشترك لشهداء كنائس الشرق، والطلب من كل كنيسة شرقية إعداد لائحة بأسماء شهدائنا شهود الإيمان.
وماذا عن الاقتراح الثالث؟
في الحقيقة عندما استقبل قداسة البابا بندكتوس السادس عشر ممثلي الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية، ذكرني باقتراحاتي الثلاث وقال: إن الأول والثاني مقبولان، أما الثالث أي الفصل بين الوحدة في الإيمان والولاية والسلطة، فقال: هذا أمر صعب جداً، ثم ضحك وضحكت معه، لأني أعلم بأن هذا الأمر يحتاج لجهود جبارة، ليكون ضمن الأمور المقبولة.
ماذا تريد أن تقول في الختام؟
أريد أن أؤكد بان العراق وما جرى على أرضه وما سيجري اليوم كان أهم دافع لعقد هذا السينودس، ويجب أن نشهد بأنه لولا مطالبة سيادة المطران لويس ساكو رئيس أساقفة كركوك للكلدان، بعقد مؤتمر خاص بكنائس الشرق الأوسط لتأخر القرار في عقد سينودس من هذا النوع، وهو خير من قال كلمة حقّ في هذا السينودس عن ألم المسيحيين عامة في العراق المصلوب على خشبة الآلام، وقد تأثّرنا جميعاً بالمداخلات التي وصفت الحالة المأساوية للمسيحيين العراقيين، كما لم ينس الآباء فلسطين والسلام لأنه هو الهدف المنشود ليعم السلام في كل المنطقة، ويكون سبب هدوء واستقرار للمواطنين. أما قداسة البابا بندكتوس السادس عشر رغم أنه تجاوز الخامسة والثمانين من عمره، ولكنه كان يحضر يومياً، ولساعات لكي يتابع شخصياً مداخلات آباء السينودس ليسمع ويفهم ماذا يجري على أرض الواقع.
صاحب النيافة في نهاية هذا اللقاء الطويل والممتع يبقى السؤال، إلى أين بعد نهاية السينودس؟
نحن ننتظر المتابعة، فإذا لم يكن هناك متابعة، فكأنه لم يكن شيء.