– أسامة أدور موسى *
++ منذ انطلاقته في العام 2004، لم يكن موقع "زهريرا" إلا منبراً حراً منفتحاً واضح النهج جلي المعالم سياسياً وإعلامياً. ولم يقدم موقع زهريرا إلا خطاباً وحدوياً جامعاً حاضنا ً لكل قلم نبيل خير، بعيداً عن الخطاب الشعبوي الذي يستنفر الغرائز بأنواعها ولا يرتقي الى مخاطبة العقول و الضمائر.
واحتراماً منها لعقلية القراء ومستواهم، وتقديراً لدور الرسالة الإعلامية في تكوين الرأي العام للمجتمعات البشرية، وضعت هيئة التحرير في "زهريرا" لنفسها ولقرائها معايير مهنية وثوابت قومية، لا يمكن القبول بتجاوزها أيا كانت المبررات، الأمر الذي شكل أحد أبرز أسباب نجاح الموقع واستمراره. ولعل وحدة شعبنا الكلداني السرياني الآشوري التي تعتبر قدس الأقداس بالنسبة إلينا، هي خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو المساس به على صفحات الموقع.
ولقد نأت "زهريرا" بنفسها عن الدخول في مهاترات حروب التسميات الألكترونية، إدراكاً و إيماناً منها أن هذه القضايا المصيرية والثوابت التاريخية، أكبر من أن يناقشها هاوٍ على الساحة الإعلامية، أو طارئ على الساحة القومية، أو عاطل عن العمل ممن يبحثون عن التسلية والشهرة.
أيها القراء الأكارم: من الضروري التأكيد أن "زهريرا" لا تتبع أي مؤسسة حزبية أو دينية أو غير ذلك، لكن هذا لا يمنع أن يكون للموقع خطه الإعلامي الواضح وسياسته الجلية و نهجه الثابت. فلا يمكن وبحجة تقديم الرأي الآخر أن ننسف ثوابتنا القومية، ولا يمكن لمقال يزرع الفتنة جهاراً نهاراً هنا، أو خبر يؤدي الى بلبلة في أوساط شعبنا هناك، لا يمكن أبدا أن يرى النور على صفحات زهريرا مهما بلغ غضب صاحبه، لأننا وببساطة شديدة، نمر في مرحلة دقيقة تفرض علينا التركيز على مستقبل شعبنا ومصيره خلالها، أكثر من مشاعر كاتبٍ أو هاوٍ تعجّ مقالاته بالأخطاء الإملائية ناهيك عن مضمونها السلبي. وهذه هي طبيعة المنابر الإعلامية، تلفزيونية كانت أم ورقية أم ألكترونية أم غير ذلك، ومن يجهل هذه الحقيقة إنما يجهل أبسط مفردات العمل الإعلامي.
صيغتان مختلفتان لخبر واحد على وسيلتين إعلاميتين مختلفتين. هذا ما نلاحظه أثناء تغطية كبريات الصحف وشبكات التلفزة للأحداث. ( انظروا الفارق مثلاً بين الـ "واشنطن بوست" والـ "نيويورك تايمز"، وبين "فوكس نيوز" و "سي ان ان" في نظرتهما الى إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين اليوم على سبيل المثال لا الحصر). وإذا أخذنا قناتي "العربية" و "الجزيرة" كمثال قريب كونهما الأكثر متابعة، يمكن للمشاهد العادي أن يلامس الحد الفاصل بين الخطابين المختلفين الذين تقدمهما المحطتان الجارتان. فلا يمكن، والحال هذه، أن نبرر الظهور المتكرر لزعماء تنظيم القاعدة على قناة "الجزيرة" مثلاً على أنه يندرج في سياق حرية الرأي الآخر، أو أنه حرية تعبير. فهؤلاء المفسدون لا يقدمون شيئا لخير البشرية وتقدم الشعوب، لأن خطابهم سام وحاقد ومليء بالفتنة والتقسيم والشرذمة والتكفير. وهذا ما يجمع عليه كل المتابعين للشأن السياسي في العالم العربي.
أخيراً يهمنا التأكيد لقرائنا الأكارم أن موقع "زهريرا" يديره صحفيون خبروا العمل القومي أولاً، وتمرسوا في الشأن الإعلامي ثانياً، ودفعوا ثمن الموقف القومي والكلمة الحرة غالياً جداً، وهم يديرون الموقع بإمكاناتهم الذاتية المتواضعة دون أن يتقاضوا فلساً واحد من أي جهة كانت، همهم الوحيد والأوحد هو إبقاء صوت شعبنا عالياً مسموعاً، والدفاع عن الكلمة الحرة المسؤولة الملتزمة.
نحن في "زهريرا" قبلنا بصدر رحب، وسنبقى نتقبل، النقد البناء المسؤول، وأخذنا وسنأخذ، بكل الملاحظات والأفكار الجديدة التي من شأنها أن تقود الى تطوير أدائنا الإعلامي الذي نعلم أنه ليس بمستوى طموحاتنا. لكن لا يمكن أن نقبل، وتحت اي شرط أو ضغط، أن ننشر مقالاً أو خبراً تفوح من سطوره رائحة التشكيك بوحدة شعبنا والمساس بمصالحه والعبث بثوابته، من أجل أن نربح شخصاً ما هنا، أو مؤسسة ما هناك، ونخسر بالمقابل أمة بكاملها وندمر شعباً بأكمله بحجة تقديم الرأي الآخر.
لأن حرية التعبير، كما نفهما، هي متابعة مسيرة آلاف الشهداء الذين سقطوا من كل الطوائف دفاعاً عن وحدة الشعب الكلداني السرياني الآشوري ونيل حقوقه على يد طغاة العصور الذين لم يرق لهم أن يعبر هؤلاء القادة و الشهداء الكبار عن آمال وآلام شعبهم، والأمثلة كثيرة لا داعي لسوقها هنا. وحرية الرأي – حسب مفهومنا أيضاً- إنما هي التزام أخلاقي أولاً، ومسؤولية إعلامية ثانياُ، تهتدي "زهريرا" بهما في تقديم رسالتها الإعلامية، وهي – وفق هذين الحدين – تحتضن كل ذي فكر نيّـر وترحب بكل ذي قلم خيّـر قرر أن ينذر نفسه صوتاً نبيلاً مدوياً يدافع عن مصالح شعبنا المضطهد.
– 2 ايلول 2010م 6760 آ
* أسامة أدور موسى
عضو هيئة التحرير