دمشق- بطريركية السريان الأرثوذكس++ أصدر قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكا الأوّل عيواص، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع البيان التالي:
بألم وأسى بالغين، نتابع ما يلمّ بالعراق عامّة وبالمسيحيين في العراق خاصّة من اضطهادات وقتل وسلب وخطف وتعدٍّ على المقدّسات وأعراض الناس، وكأنّ الشيطان جنّد هؤلاء الأشرار ليعيثوا فسادًا في البلاد والعباد. ولسنا ندري لأيّ سببٍ يستهدفون المسيحيين، وهم المخلصون لأرضهم ووطنهم والمتمسّكون بتراث العراق الحبيب، باذلين الغالي والنفيس وحتّى حياتهم من أجل مجده ورفعته وسؤدده.
وقد سبق ونشرنا بيانات استنكار لهذه التصرفات اللاإنسانية والبعيدة عن الأديان. ولسوء الحظ، هؤلاء المجرمون يمارسونها باسم الدين، والإسلام منهم براء. ونحن نعرف العراق وأهله ومواطنيه وأواصر المودّة التي تربط بين جميع المواطنين من مختلف الأديان والملل والنحل والطوائف. وما يجري في مدينة الموصل تحديدًا يبعث إلى القلق. هل هناك مؤامرة لتفريغ العراق من أهله المسيحيين سكان البلاد الأصليين … أم إنّ هناك مخطّطات ترعاها أصابع خفيّة يدعوها الناس الصهيونية يومًا والقاعدة آخر، بل فئة خارجة عن القانون، دأبها وديدنها الإساءة إلى الآخرين وضربهم، كما جرى في حروب الإبادة التي أصابت المسيحيين سنة 1915؟
نحن مع الحكومات العربية في مختلف دولنا، لم نشهد ولم نعش في ظلّ اضطهادات وتفرقة طائفية أو دينية أو سياسية، لأنّ المسيحيين بالطبيعة هم أناس مخلصون وأوفياء لأوطانهم حيثما حلّوا، وكم بالأحرى لأرضهم الأم! فماذا يجري في العراق؟ ليس هناك ما يقنعنا، إنّ هؤلاء العصاة والمتمرّدين والخوارج عن مبادئ الدين والسلطة والدولة والقانون والإنسانية، الدولة غير قادرة أن تكبحهم وتنزل بهم العقابات التي يستحقّون. مِمّا يدعونا أن نشكّ في نيّات الحكّام والمسؤولين والذين نتوجّه إليهم أفراداً وجماعات أن يحزموا أمرهم وينصفوا المظلومين من أيدي الجناة، إذ لسنا قادرين أن نعاين أبناءنا الأبرياء يُذبحون ويُقتلون ويُسلَبون وليس من رادع ولا مسؤول. أي حسابٍ سيُقدّم هؤلاء المسؤولون أمام الله ورعاياهم المظلومين تحت عين الشمس؟!
إنّنا نهيب برؤساء الدول العربية عامّة وبجامعة الدول العربية وبالأمم المتّحدة وبحكّام العالم أن يزيحوا هذا الإرهاب، هذه التعدّيات عن المسيحيين المقهورين والمغلوبين على أمورهم وغير القادرين أن يدافعوا عن أنفسهم، علمًا أنّ المسيحيين في سوريا ولبنان والكثير من البلاد العربية يعيشون في طمأنينة وأمنٍ وسلام.
وبهذا، يرتاح قلبنا إذا رأينا مبادرات من هؤلاء الذين نناشدهم في هذا البيان. ونناشد الأشراف من مواطني العراق أن يقفوا إلى جانب إخوتهم المسيحيين المضطهدين والمعذّبين والشهداء في العراق الحبيب.
بانتظار أن نلمس هذا التجاوب، ندعو للعراق بالاستقرار والازدهار ولفلسطين الحبيبة بالتحرّر من الظلم والعدوان وللعرب عامّة بالأمن والسلام، بل للإنسانية والعالم أجمع.
– دمشق 2 اذار 2010
إغناطيوس زكـا الأول عيـواص
بطـريـرك أنـطـاكـيـة وسـائـر الـمـشـرق
الرئيس الأعلى للكنيسـة السـريانية الأرثوذكسـية في العالم أجمع