دمشق- وكالات++ يواصل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زيارته لسوريا لليوم الثاني، وبدأت جولة ثانية من المحادثات صباح الاحد 20-12-2009 بين الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس الحريري. وقال المكتب الإعلامي للقصر الرئاسي السوري إن المحادثات بدأت في العاشرة صباحا في قصر الشعب في دمشق وسيليها فطور عمل.
وكانت مصادر دبلوماسية عربية في حديث إلى صحيفة "الشرق الاوسط" قالت إن "الحريري يحمل معه إلى سوريا برنامج عمل قوامه المصارحة والمصالحة"، مشيرة إلى أن "الحريري يسعى إلى إقامة علاقات شفافة بين لبنان وسوريا، وأنه صادق في مسعاه هذا وفي سعيه إلى علاقات متوازنة بين الدولتين الجارتين". وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "الخليج" الإمارتية عن مصادر لبنانية مواكبة لزيارة الحريري إلى سوريا تأكيدها أن "زعيم" اللقاء الديمقراطي "النائب وليد جنبلاط سيزور دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة".
ارتياح وتفاؤل في الشارع السوري
ولم تقتصر الأجواء الإيجابية التي رافقت زيارة رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري الى دمشق على البيانات الرسمية والتعليقات الصحافية ومواقف المحللين، فقد واكب الشارع السوري هذه الايجابية بدوره وعبر عن ارتياحه للزيارة وعن استعداده "لطي صفحة الماضي". وقال خالد عمايري (55 عاما) الذي سبق له ان خدم خلال العام 1982 كجندي في الجيش السوري في لبنان، لوكالة فرانس برس ان زيارة الحريري الى سوريا "تدل على عمق العلاقة بين البلدين منذ قديم الزمان"، مضيفا ان "الاشكالات السياسية تحصل دائما، الا ان الحق الذي يجمع البلدين لا يلبث ان ينتصر". ورأى عمايري الذي اسهب في الكلام ما ان طرح عليه السؤال ان "ما يجمع بين العائلات السورية والعائلات اللبنانية لا يمكن لاي قوة في التاريخ ان تفرقه".
واعتبر ان "صفحة الاتهامات التي وجهت الى سوريا حول اغتيال الشهيد رفيق الحريري قد طويت"، مضيفا "ان السياسة ليس لها دين، وكل يوم تتبدل الآراء فيها". وقال ان "الايام اظهرت براءة سوريا" من هذه المسألة. ويسارع تحسين جميل (49 عاما) الذي يعمل في القطاع السياحي الى التأكيد بدوره ان "اكثر من تسعين في المئة من الشعب السوري عارف بالزيارة ومتابع لها ومرحب بها"، ويتابع ساخرا ان "التوترات السياسية هي مثل الطقس في شهر شباط تأتي وتزول".
ويروي تحسين جميل ان الوضع تغير منذ العام 2005 بين لبنان وسوريا، موضحا "احزن عندما اصل الى الحدود اللبنانية السورية وارى الاجراءات المتشددة التي باتت قائمة بعد ان كان الاختلاط والمرور عليها امرا فائق السهولة". ويضيف ان بعض المواطنين السوريين تعرضوا "للمضايقات عندما كانوا يذهبون الى لبنان" في السنوات الاخيرة، مثل تحطيم سياراتهم وتوجيه عبارات مسيئة اليهم"، ويؤكد "ان زيارة الرئيس الحريري من دون شك ستنعكس ايجابا على العلاقات وتزيل التوتر بين البلدين الجارين والمرتبطين بعلاقات وثيقة".
وعن احتمال عودة النفوذ والوجود العسكري السوري الى لبنان، يقول تحسين جميل "لا، مستحيل. هذه المرحلة انتهت"، ويقول ان "الدول الكبرى تتهافت على سوريا. وبالتالي فلا بد للجميع ان يتعالوا على المصالح الشخصية من اجل مصالح بلدهم وعدم الاستماع الى تحريض الخارج". هذا التفاؤل عكسته كذلك الصحف السورية الصادرة اليوم الاحد.
فقد تحدثت صحيفة "الوطن" السورية عن "طي صفحة الماضي والتطلع نحو المستقبل" من خلال زيارة الحريري. بينما عنونت صحيفة "البعث" خبرها الرئيسي على الشكل التالي "ثلاث ساعات صريحة وإيجابية وودية.. كسرت الجليد وبدَّدت سلبيات المرحلة الماضية" مشيرة الى ان "الرئيس الأسد اتفق والحريري على فتح آفاق جديدة في العلاقات السورية اللبنانية".
وكتبت صحيفة تشرين في افتتاحيتها "تفرض الواقعية السياسية منطقها على الاحداث اليوم، وهي تقدم نفسها على انها الخيار الامثل لاعداد صياغة العلاقات العربية". واضافت "في هذا السياق فإن زيارة رئيس وزراء لبنان الى دمشق هي اولا زيارة مواطن عربي الى بيت عربي"، واضافت ان "زيارة مهمة يجب ان تنتج اثارا ايجابية لمصلحة كلتا الدولتين والبلدين".
وتقول رئيسة تحرير صحيفة "تشرين" سميرة مسالمة لوكالة الصحافة الفرنسية ان "الفترة الماضية كانت مؤلمة على الشارع السوري الذي كان ينظر الى اللبنانيين باستمرار على انهم اشقاء وشركاء"، وتضيف "ما حصل سيترك جرحا عميقا لدى السوريين، انما هذا لا يعني عدم تجاوزه". وتتابع مسالمة ضاحكة "لا توجد عائلة سورية ليس لديها اقارب في لبنان. ونحن اعتدنا ان يكون شتاؤنا في دمشق وصيفنا في بيروت"، مؤكدة ان "كل ما حصل في السنوات الماضية لن يغير موقع لبنان في قلوبنا".