بقلم: سامي ابراهيم
++ لماذا جاءت الأديان السماوية ذكورية بامتياز و لماذا سحقت المرأة بهذا الشكل ؟!
لماذا استخدم الرجل، المقدس لتشريع هيمنته على المرأة؟!
لماذا يتم تهميش المرأة بكل هذه القسوة وهذه الوحشية؟!
ما الذي فعلته المرأة حتى استحقت كل هذا القهر والعذاب؟! وأي ذنب اقترفته؟!
أسئلة لطالما راودت عقل الإنسان، فالكتب السماوية مليئة بالآيات والأحاديث التي تسحق المرأة وتجعل الرجل متسلطا مستبدا عليها. إن سبب سحق المرأة هو أن الرجل يفتقر إلى الشجاعة ليكشف عن مخاوفه وقلقه وشعوره أنه أقل مستوى من المرأة، فيحرص على إحراز الانتصار على المرأة. يصارع الرجل بكل ما لديه من قوة لكي يظهر بمظهر القوي القادر الجبار، لا يكف يملي على المرأة كيف يجب أن تجلس وكيف يجب أن تأكل وكيف يجب أن تمشي وكيف يجب أن تلبس وكيف يجب أن تتكلم. لا يكف يملي عليها واجباتها حياله، فقط ليخفي عجزه وضعفه وليدفن كبرياء المرأة ويطمس تفوقها عليه. ويبرز تفوق المرأة على الرجل في أن المرأة تمارس دور الله على الأرض ألا وهي (عملية الخلق) وتكوين الجنين التي يعجز عنها الرجل، فيتولد شعور بالنقص من قبل الرجل، هذا الشعور بالنقص ولد ردة فعل جعل الرجل يتسلط على المرأة ليغطي عجزه أمام أهم قدرة إلهية ألا وهي الخلق. فالمتسلط هو شخص يشعر بالدونية بالنسبة للآخر لذلك يحاول أن يجعل هذا الآخر أنه اقل دونية.
وهكذا يتمكن من السيطرة على ضحيته. يلجأ الرجل إلى استخدام جميع الأساليب القمعية المتنوعة للقضاء على كبرياء المرأة، من ضرب وتقريع وجلد وإهانة وشتم، وإذا لم تخضع له ولم يستطع أن يسيطر عليها بعد استنفاذه لجميع وسائل القمع والبطش الجسدية والنفسية يلتجأ إلى الحل المقدس: أقوال الله! ينبغي على الرجل أن يسيطر على المرأة لأنه يراها أكثر شأناً منه. وبذلك يلتجأ إلى استنزال الاتهامات والملاحظات والانتقادات عليها من قبل الله نفسه وكلها موثقة ومدونة في كتبه السماوية وأحاديث أنبيائه فيتلوها عليها، ويوهمها انه يخاف عليها من العذاب الأبدي لذلك فهو يريد لها الفردوس المقدس لأنها عزيزة على نفسه فهي زوجته أو أخته أو ابنته!. فمن عادة المتسلط عندما تواجهه في تسلطه أن يقول لك :" أنا احبك وأنا أخاف عليك! من أين راودتك هذه الأفكار السخيفة! " و هذا ما يحدث عندما يدعي رجال الدين أن الله أعطى المرأة حقوقها كاملة". غالبا ما يتظاهر الرجل بأنه يعرف شيئا تفخر به المرأة وبعد ذلك يقوم بتوجيه بعض التلميحات السلبية في محاولة للاستخفاف بما تفخر وهو يتحمس بذكر العيوب الني تعتقد المرأة أنها موجودة فيها، ومن ثم يستغل هذه العيوب في الوقت المناسب أي يستخدمها بذكاء عندما يدرك بأنها قد تتمرد عليه وتطالب بحقوقها فيواصل الرجل في استضعافها حتى تخضع له في نهاية المطاف. الرجل يطرح أمامها كل العيوب ويواصل إظهارها دون توقف ويعمل على التخفيف من شأن الميزات التي تتمتع بها المرأة.
………………………
لا يكمن حب السيطرة على المرأة في أن الرجل أقل مستوى من المرأة فحسب وانه يعاني اتجاه المرأة عقدة نقص، بل ما يجعل الرجل يستبد ويتسلط على المرأة أيضاً هو أنه يرى في المرأة الإله الذي طالما حلم برؤيته وملامسته ودفئه. فعملية الارتباط الجسدي بالمرأة توّلد عند الرجل توقا للاتحاد مع الله الخالق، وتوقا للاتحاد مع القوة العظيمة في الكون، هذه القوة التي تنسج إنسانا في أحشائها. فعطش الرجل إلى الارتباط بجسد المرأة يحاكي عطشه إلى الارتباط بالمطلق، فلا يروي الرجل ظمأه منها لأنها المطلق غير المحدود ولا يمكن له الوصول إلى المطلق. إن نسب المطلق للمرأة هو تأليه للإنسان لذاته. المرأة هي من تعطي للرجل معنى، فهي من تعطيه وجودا، وهذه العلاقة بين الرجل والمرأة تحاكي علاقة ارتباط وجود الله بوجود الإنسان.
……………………….
بما أن المرأة تحاكي الله على الأرض في عملية الخلق فهذه ميزة إلهية تجعل الإنسان يقع في صراع بين أنها الله وأنه يمارس الجنس مع هذا الله، فاستخدم الرجل كل ما توفر له من موروث ثقافي ليصهره ويطوره في إطار ديني ليزيل هذا الصراع الناشئ في عقله ويطفئ ناره ليصل لحل يقضي بسحق المرأة وإقناعها بهذا الانسحاق فيستطيع إكمال حياته باطمئنان. إن جهل الإنسان وعدم استيعابه لعملية تكوين الإنسان في رحم المرأة هي ما أقلقته وأقضت مضجعه وأشعرته بنقصه وبضعفه. فهذا الكره للمرأة هو لأن الرجل يخشى من أنها الله!. يهلل الرجل لنقاط ضعفها ويطالبها بثقة مطلقة ويطالبها بعفة مطلقة، في حين أنه غير مهتم فقط إلا بالسيطرة عليها ولا يريد سوى خضوعها الكامل له، فهولا ينفك يروي عطشه للسلطة عن طريق تسلطه عليها!.
………………………………..
الديانات القديمة أوجدت الآلهة الإناث والهات الخصب وأنشأت الدعارة المقدسة التي كانت تمارس في الهياكل وأدخلت الجنس في الحياة الإلهية نفسها إذ تصورت عائلات من الآلهة. لنرى الآن صورا لتأليه المرأة من الديانات السماوية: فكرة الثالوث الأقدس في المسيحية هي عملية إسقاط للأب والأم والابن في الحياة الأرضية. فالآب له كينونة ويمثل طرفا أول، والروح القدس الذي حل على مريم له كينونة ويمثل طرفا ثانيا (الروح أنثى وارتبطت الروح بالمرأة مريم، وفي صورة أخرى الروح تجسدت على شكل حمامة "أنثى" أثناء معمودية يسوع)، أدى إلى ولادة الابن الذي له كينونة مستقلة ويمثل طرفا ثالثا. إذا هنا لدينا عائلة أب وأم وابن.
المسيح الذي يمثل الله بالنسبة للمسيحيين ولد من امرأة "مريم" أي أن روح الله بعظمتها دخلت رحم المرأة لتنمو ثمرة الحب بين الله والمرأة وتكون الثمرة ابنا. أي هذا تعظيم واعتراف حقيقي بإلوهية المرأة، فالله كان يستطيع أن يتجسد وأن يظهر للبشر دون مروره بمراحل الحمل والولادة التي تختص بها المرأة. والكنيسة جعلت الزواج سرا مقدسا يرسخ اتحاد الزوجين ويحمل صورة لاتحاد المسيح بالكنيسة. فاتحاد المسيح بالكنيسة يشّبه بالإنجيل كاتحاد العريس بالعروس. "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما المسيح أحب الكنيسة وبذل نفسه لأجلها" "أفسس 5:25"
بما أن عملية الجنس هي تأكيد ذكوري على الوجود، فقد ظهرت مشكلة للمسيح في هذا الموضوع هي عندما سألوه عن أن الأرملة إذا تزوجت بعد موت زوجها لمن ستكون في الحياة الأخرى للأول أم للثاني _انظروا هنا لم يسألوه عن الرجل الأرمل أي لم يسألوه عن الرجل الذي يتزوج بعد وفاة زوجته فهل سيكون للمرأة الأولى أم للمرأة الثانية لأنه من البديهي أن الإنسان في المجتمع الذكوري لا يخطر له إلا أن تكون المرأتان لذلك الرجل مع أن الزواج المسيحي هو من واحدة فقط فنحن سنقع في نفس الإشكال أيضاً لو كان السؤال معكوس أي عن الأرمل_ فأجاب المسيح حتى يحل الإشكال:" هناك لا يزوجون ولا يتزوجون". هنا اطمئن الرجل إلى أن أنثاه حتى لو لم تكن له فهي على الأقل محفوظة لا تمس، وبذلك ادخل السكينة إلى قلب الذكر في المجتمع الذكوري وهدّأ من روعه. في أعمال الرسل:"بالله نحيا ونتحرك ونوجد" هذا النص الديني هو إسقاط لعملية الارتباط بالمرأة، حيث في المرأة أيضا نحيا ونتحرك نحوها ونوجد بعملية الخلق، إذاً نالت المرأة هنا صفة التأليه. يقول يوحنا فم الذهب:"عندما يتحد الرجل بالمرأة، لا يظهران وقتها كشيء أرضي، بل كصورة الله نفسها". إذا عملية ارتباط الرجل بالمرأة هي عملية يظهر بها الله نفسه. نشيد الأنشاد:"الحب قوي كالموت لهيبه لهيب نار ولظى الرب، المياه الغزيرة لا تستطيع أن تطفئ الحب…." إذا يشبه عملية الحب التي تجري بين الرجل والمرأة بالمطلق، يشبهها بقوة الموت، بنيران الرب… وهذا تأليه للمرأة وتقديسٌ لاشعوريٌ لها.
…………………….
إن شوق الرجل للمرأة يضاهي شوقه للفردوس وللحياة الأبدية. وهذا ما دعا النبي محمد لجعل الجنس في الحياة الأخرى هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها تلك الحياة. وهي من أهم الوعود التي وعدها النبي محمد لأتباعه. فالخلود ليس لا موتا فحسب، بل هو عملية جنس "ارتباط بالإله" مستمرة، لأن اللاموت لا معنى له إن لم يرافقه الجنس وتأكيد الوجود الذكوري! فيقول القرآن: "وزوَّجناهِمُ بحورٍ عينٍ". لقد استرسل النبي محمد بوصف نساء الجنة وحور العين، فهو يعرف توق الإنسان وشوقه للأنثى فوصفهن أجمل وصف وأعطاهن صفات كاملة للأنثى التي يحلم الرجل بها. فقد احتل وصف الحوريات مكاناً كبيراً في الحديث عن الفردوس. ذُكرت نساء الجنة في القرآن أولاً في سورة البقرة 25:2 "ولهم فيها أزواجٌ مطهرَةٌ" وتكرر هذا القول في عدد من السور والآيات. "لم يطمثهنَّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌ". وهي أيضا إحدى صفات نساء الجنة وهذه صفة محببة جداً على قلوب الرجال.. ويقول القرآن أيضاً في وصف زوجات الجنّة بقوله: "كأنهّنَّ الياقوتَ والمرجان". في الحياة الأرضية أعتبر النبي محمد الزواج نصف الدين، أي مهما فعل المسلم من حسنات ومهما قدم من تضحيات وجاهد في سبيل الله وقام بفرائض الحج والصلاة والزكاة فإنه لن يحقق إلا نصف دينه، ولن يكتمل دينه إلا بالارتباط بالأنثى، أي الاقتران بالأنثى،أي الارتباط بالله!
…………………..
المرأة في سن اليأس تفقد القدرة على الإنجاب لذلك سمي سن اليأس، أي اليأس من الحياة! فالمرأة هنا لا حاجة لها بعد الآن! فالذي كانت تتميز به قد فقدته، وقدراتها الإلهية قد ذهبت وولت، لقد فقدت المرأة هنا الميزة التي تتميز بها عن الرجل، فتصاب باليأس والإحباط والألم النفسي والتقلبات المزاجية. وهذا ما يجعل المرأة في مرحلة سن اليأس تطلب عملية الارتباط الجسدي أكثر من مراحل شبابها ليس حبا هرمونيا بالعملية، بل لأن عملية الحب هي التي تجعل الشيخوخة على مسافة كبيرة من المرأة، والارتباط الجسدي يشعرها بأنه مايزال لها قيمة ووجود كأنثى، ويبعد عن المرأة اليأس في سن اليأس. ……………………………
إن شعور الرجل بالنقص تجاه المرأة يولد لديه (إحباطاً)! هذا (الإحباط) يتيح له أن يكون عدوانيا تجاه المرأة، لكن دون أن يشعر بالإثم. إذاً الإحباط يجعل الرجل يسحق المرأة دونما ادني شفقة أو تعذيب للضمير. وهذا ما يلجأ إليه الرجل، أي يلجأ لا شعوريا إلى (الإحباط) ليبرر كل ما يفعله بالمرأة. فالرجل يعاقب المرأة بان يتسلط عليها ويطوقها ويأسرها، من شأن هذا الأسر وهذا التكبيل أن يبرهن للمرأة على أنها ((عاجزة)) أمامه، وأنه أقوى منها.
الايميل:
sami198420@hotmail.com