24-02-2024
نعبّر في المنظمة الآثورية الديمقراطية عن قلقنا البالغ من القرارات الأخيرة الصادرة عن المحكمة الاتحادية العراقية، الخاصة بإلغاء “كوتا المكونات القومية” في برلمان إقليم كردستان العراق، والتي ألغت المقاعد المخصصة لأبناء القوميات الكلدانية السريانية الآشورية والتركمانية والأرمنية، ونعبر عن مخاوفنا البالغة عما قد يمثله هذا القرار من مس بالمكانة السياسية والحقوق الدستورية التي نالها أبناء هذه القوميات في العراق الجديد، الذي تأسس بفضل نضال كل مكوناته، بما في ذلك أبناء هذه القوميات.
إننا في الوقت الذي نعتبر الأمر مسألة داخلية عراقية صرفة، إلا أننا نملك الحق في التعبير عن رأينا، كتيار سياسي يرى تداخلاً وتأثيراً دائماً للقضايا الحقوقية في مختلف دول المنطقة، ونحن كأقدم تيار سياسي قومي مستمر في صفوف الكلدان السريان الآشوريين في المنطقة، كُنا نرى في تجربة العراق السياسية الجديدة بعد العام 2003، لا سيما في مجال معالجة قضية التنوّع القومي نموذجاً من المفترض أن يُحتذى به في بلدان المنطقة، إلى أن صُدمنا من القرار الأخير للمحكمة الاتحادية، الذي لا نراه مطابقاً لما بُنيت عليه هذه التجربة الجديدة دستوراً وعُرفاً وتقليداً سياسياً، وذلك حسب ما يلي:
أولاً: جاء في المقدمة التأسيسية للدستور على أن العراق الجديد ونظامه الديمقراطي بُني على، ويأخذ بالاعتبار “عذابات القمع القومي”، وتالياً كانت الكوتا المحددة لمقاعد أبناء قوميتنا (الكلدان السريان الآشوريين) أداة لمنع تكرار ذلك مستقبلاً، عبر الحفاظ الدائم على تمثيلهم السياسي في المؤسسات الدستورية، حيث كنا نأمل من البرلمان الاتحادي أن يستلهم تجربة برلمان إقليم كردستان في ذلك السياق.
ثانياً: نصّت المادة الثالثة من الدستور العراقي على أن العراق بلد متعدّد القوميات. استناداً إلى ذلك وبناء على القيم والمبادئ الديمقراطية الحديثة، وبعد المآسي التي لحقت بشعبنا طوال عقدين ماضيين، فإنّ التمييز السياسي الإيجابي الذي كان يمتاز به أبناء قوميتنا في برلمان إقليم كردستان كان تحقيقاً لذلك المبدأ، ووسيلة لتعزيز ثقة شعبنا بعدالة الحياة السياسية والنظام العام في هذا البلد.
ثالثاً: تمنع المادة 14 من الدستور العراقي أي تمييز على أساس قومي أو عرقي، هذا الأمر الذي يحتاج على الدوام إلى قوى سياسية حاضرة في المؤسسات التشريعية، تملك سلطات الطرح والمراقبة والمسائلة في حال حدوثها، والممثلون الدائمون لأبناء المكونات الأقل عدداً وحدهم القادرون على فعل ذلك بشكل مستدام.
رابعاً: تنص المادة 125 من الدستور العراقي صراحة على ضمان الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان الاشوريين، وسائر المكونات الاخرى، ويتم تنظيم ذلك بقانون، فهل من ضمان لتحقيق ذلك مثل حتمية واستمرارية بقاء ممثلين برلمانيين لأبناء هذه القوميات في المؤسسات التشريعية العليا.
خامساً: لم يخض شعبنا كفاحه السياسي والمسلح ضد الاستبداد طوال عقود كثيرة كمسيحيين، بل كآشوريين كلدان سريان، يعيشون مظلومية قومية مستدامة منذ ثلاثينات القرن المنصرم. فما لحق بأبناء شعبنا كان بسبب مطالبه بتثبيت هويتهم وحقوقه القومية، لا الدينية. وتالياً فإنّ تأمين تمثيلهم السياسي من منطلق قومي وليس ديني في البرلمان المركزي، كما في برلمان إقليم كردستان العراق، يعتبر أمراً جوهرياً تدعو له كل قوى شعبنا في العراق.
نعلن في المنظمة الآثورية الديمقراطية عن تضامننا مع أبناء شعبنا في العراق ومع قواه السياسية المدافعة عن حقوقه الدستورية العادلة، ومعه كل الشخصيات والقوى السياسية العراقية المؤمنة بالقيم الديمقراطية وروحها التوافقية وقيمها الحامية للمكوّنات الأقل قدرة على تمثيل نفسها، ونعتبر أنفسنا جزءاً من نضالها الدائم في الحفاظ على الكوتا المخصّصة لشعبنا ولسائر القوميات الأخرى، لتكون تجسيداً لتمثيلهم الحقيقي والتعبير عن إرادتهم بعيداً عن توظيفها في التنافس بين الكتل السياسية الكبرى في العراق، وذلك بكل الطرق والأدوات السلمية، التي تحافظ على ما حققه العراق الجديد، بفضل نضالات أبناء مختلف القوميات، ومنهم الكلدان السريان الآشوريين.
سوريا 24/2/2024
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي