01-04-2018
الأخوات والإخوة الحضور:
يسعدني باسم قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية، أن أرحّب بممثلي أحزاب ومؤسسات شعبنا السرياني الآشوري، وبممثلي الحركة الوطنية الكردية والقوى الوطنية العربية، ومنظّمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية. كما وأرحّب بكم فردا فردا على تلبية دعوتنا والمشاركة في هذه الأمسية التي نقيمها بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو).
كما أتقدّم باسم المنظمة الآثورية الديمقراطية بأجمل التهاني والتبريكات لأبناء شعبنا السرياني الآشوري في الوطن والمهجر، وكذلك إلى جميع السوريين بمناسبة عيد الأكيتو، وبمناسبة عيد قيامة المسيح من بين الأموات. حيث تتجدّد الآمال بقيامة جديدة لوطننا سوريا.. ولشعب سوريا.. قيامة أقانيمها .. ثالوث الحرية والسلام والديمقراطية.
الأعزّاء الحضور:
تتزامن احتفالات شعبنا بعيد الأكيتو، مع احتفالاته بعيد القيامة المجيدة، حيث يجمع بين العيدين الكثير من المعاني والقيم المشتركة. فهما يرمزان إلى انتصار إرادة الحياة على الموت، وانتصار الخير على الشر، وإلى تجدّد الطبيعة والإنسان، والتوق إلى الحرية والخلود.
احتفالنا اليوم بعيدنا القومي عيد الأكيتو، بما ينطوي عليه من معاني ومضامين قومية سامية، ما هو إلاّ تعبير عن التواصل مع عمقنا الحضاري الأصيل، واستعادة لإرثنا التاريخي الحافل بالعطاء والتضحية، وتأكيد على تجذّر إرادة الحياة لدى شعبنا، يستمد من معانيه العزيمة والإصرار على متابعة مسيرته الإنسانية، بما يرسّخ من وجوده القومي في الوطن، ويعزّز من دوره الوطني، وصولا إلى تحقيق تطلعاته القومية المشروعة، وفي مقدمتها ” الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين وضمان كافة حقوقهم، واعتبار لغتهم وثقافتهم السريانية، لغة وثقافة وطنية وذلك ضمن إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا”.
كما أنّ احتفالنا بعيد القيامة المجيدة، ما هو إلاّ تجديد لفعل الإيمان، واحتفاء بإرادة الحياة والرجاء، وإعلاء لقيم المحبة والتسامح والسلام، وتأكيد على انحيازنا للحقّ والحرية والعدالة في مواجهة كلّ أشكال الظلم والاستبداد وامتهان الكرامة الإنسانية..
إنّ إحياء عيدي الأكيتو والقيامة، ينبغي أن لا يقتصر على المظاهر الاحتفالية أو الطقسية، بل إنّ المسؤولية تدعونا لاستلهام وتمثّل المعاني الإنسانية والحياتية الكامنة فيهما، لا سيما في هذه الظروف الصعبة والقاسية التي تمرّ على شعبنا ووطننا، وهذا لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال المزيد من التعاون والتكاتف بين أحزاب ومؤسسّات شعبنا، من أجل تعزيز قدرته على البقاء والصمود في الوطن بعد أن تضاءل هذا الوجود إلى مستويات غير مسبوقة، بفعل المخاطر التي أنتجها الاستبداد والإرهاب وسنوات الحرب الطويلة، وكذلك تحقيق طموحاته القومية المشروعة بالوجود والحرية.
كما أنّ تحقيق هذه الأهداف، يتطلّب المزيد من التفاعل والانفتاح على إخوتنا وشركائنا في الوطن ومن كافة القوميات والأديان، من خلال تنمية الشعور بالمسؤولية الوطنية المشتركة، وتنمية حسّ التضامن الإنساني والوطني مع مآسي إخوتنا في عفرين والغوطة الشرقية وكلّ شبر من أرض وطننا الحبيب سوريا، إضافة إلى الانخراط الفعّال والواعي في الجهود الوطنية المخلصة والرامية إلى بناء نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الحقيقية بين كافة السوريين، من عرب وأكراد وسريان آشوريين وأرمن وتركمان، مسلمين ومسيحيين وإيزيديين.
الحضور الكرام:
مع دخول ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة عامها الثامن، ورغم التخلّص مؤقتا من خطر وكابوس داعش وقوى الإرهاب التكفيري، نجد، أنّ فرص الحلول السياسية قد تراجعت، وفي الشهور القليلة الماضية، تنامى الرهان على الحلول العسكرية من قبل النظام وحلفائه، بعد أن تحوّلت سوريا إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، أدواتها سوريون في السلطة والمعارضة فقدوا استقلاليتهم ورهنوا إراداتهم لصالح الدول المتدخلّة في الصراع السوري، والتي طوّرت تدخلها إلى أشكال من الاحتلال المباشر لأجزاء من سوريا، وهذا زاد الصراع حدّة وشراسة، بحيث لم تعد تكترث هذه الدول حتى لقرارات مجلس الأمن التي ساهمت بصياغتها، مفضّلة مصالحها التي دفعتها لترسيم خرائط نفوذها ونيل حصّتها من الكعكة السورية، وتثبيت هذه المناطق على أجساد ودماء السوريين الذين تفاقمت معاناتهم وزادت مآسيهم بسبب استمرار أعمال القتل والدمار والتهجير والتغيير الديمغرافي، وكلّ ذلك جرى ويجري على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي أظهر عجزه الكامل عن وقف هذه الكارثة الإنسانية التي لم تشهد البشرية مثيلا لها، منذ الحرب العالمية الثانية.
سبع سنوات مرّت، لكن الحلول العسكرية لم تثمر، ولم تحلّ المشاكل القائمة، والحرب الدموية، لم تجلب نصرا لأحد أو لطرف، فالجميع خسر فيها واستنزف لأبعد مدى، ومطالب الشعب بقيت كما هي ولم تتغير، فلا الاستبداد ولا قوى الإرهاب التكفيري ولا ويلات الحرب، نجحت في كسر إرادة السوريين أو دفعهم للتراجع عن مطالبهم للعيش بحرية وكرامة في ظل دولة ديمقراطية تكون للجميع.
رغم تعثّر وفشل الحلول السياسية في أستانا وجنيف وسوتشي، فإنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، ما زلنا نتطلّع ونراهن على الحلّ السياسي، ونرى بأنّ الإصرار على مواصلة المجابهة العسكرية لا يخدم مصلحة السوريين، ويحمل مخاطر وكلفة عالية على الجميع، وتداعياتها وارتداداتها لن تقتصر على الساحة السورية وحدها، بل ستطال كل دول الإقليم وأبعد منها، في ظلّ استحضار مناخات الحرب الباردة وتجديد سباقات التسلّح التي ارتفعت وتيرتها مؤخّرا.
وعليه فإنّنا نطالب المجتمع الدولي وقواه الفاعلة، بتحمّل مسؤولياته وتطبيق التزاماته السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية، وندعوه للتحرّك بشكل سريع وعاجل من أجل إنهاء محنة السوريين، ووقف الحرب الدائرة في سوريا، عبر تطبيق قرار مجلس الأمن 2401 القاضي بفرض هدنة شاملة في كافة المناطق السورية، واتخاذ مواقف صريحة وحازمة في الدفع بعملية الحلّ السياسي التفاوضي التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، وممارسة ضغوط عملية وجادّة على كل أطراف الصراع للوصول إلى حلّ سياسي يضمن انتقالا حقيقيا من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي علماني يحافظ على وحدة البلاد، ويستجيب لتطلعات السوريين ويليق بتضحياتهم الكبيرة، وذلك وفق بيان جنيف1 والقرار 2254، ويمهّد لإنهاء الاحتلالات وخروج كافة الميليشيات الأجنبية، على أن يسبق ذلك، تطبيقا كاملا من قبل كافة الأطراف لإجراءات بناء الثقة التي نصّت عليها القرارات الدولية، والمتعلّقة بوقف إطلاق النار، وفكّ الحصار عن المناطق المحاصرة، وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية دون عوائق، والإفراج عن المعتقلين، والكشف عن المفقودين والمخطوفين، باعتبارها مدخلا ضروريا للوصول إلى الحلّ السياسي المنشود. ونرى أنّ أيّ تأخّر أو تقاعس عن تحقيق ذلك، يصبّ في خدمة قوى التطرّف والإرهاب، ويساهم في تثبيت الاحتلالات، وتمكين الميليشيات وأمراء الحرب، وتفاقم الكوارث الإنسانية، وما ينطوي عليه ذلك من مخاطر وتهديدات للأمن والاستقرار، إقليميا ودوليا.
الإخوة الحضور:
رغم الهدوء والاستقرار النسبي الذي تنعم به مدن وبلدات الجزيرة، غير أنّ التجربة وخبرة السنوات السبع الماضية، وما تخلّلها من أحداث وتبدّلات، علّمتنا عدم الركون إلى الاطمئنان وتجاوز حالة القلق. فلا يمكن غضّ النظر عن المخاوف والهواجس التي تتملّك وتنتاب الكثيرين من أبناء الجزيرة ونحن منهم، وهذه المخاوف ناجمة، عن الوضع العام الذي لا يتجه نحو الهدوء والاستقرار في سوريا، وعن التهديدات التي تطلق بين الحين والآخر من دول الجوار لا سيما تركيا، والتي كشفت عن نوايا صريحة بالتدخّل في مناطقنا، واختلاق الحجج والذرائع لمثل هذا التدخّل، وما يحمله ذلك من مخاطر ضرب الاستقرار وإثارة الفتن، وتأجيج الصراعات القومية والدينية والقبلية. لذلك فإنّنا ندعو جميع أبناء الجزيرة وكافة النخب السياسية والاجتماعية إلى المزيد من اليقظة والانتباه، وأخذ هذه التهديدات والأخطار على محمل الجدّ، والاستفادة من درس عفرين، وهذا يفرض على الجميع التحلّي بأكبر قدر من الحكمة والعقلانية في التعاطي مع هذه التهديدات وكافة المشاكل القائمة، من أجل درء الأخطار والحدّ من التوتر، وهذا يتطلّب تغليب إرادة العيش المشترك على عوامل الانقسام والفرقة، والبدء بإطلاق حوار واسع ومفتوح وغير مشروط بين كافة القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، ونخصّ منها الأطراف الكردية، ونحن في المنظمة الآثورية الديمقراطية مستعدون لدعم هذا الحوار وعلى أتمّ الجاهزية للتعاون مع كلّ القوى الوطنية الخيّرة لدفع مثل هذا الحوار إلى الأمام، وبما يحقّق المصلحة الوطنية ومصالح الجميع، ويخفّف من الخطر الذي يتهدّد الجميع دونما استثناء، وذلك وفق القواعد الديمقراطية، بعيدا عن منطق الإقصاء والإلغاء والاستحواذ، وعلى أساس الشراكة الكاملة بين الجميع، وبما يحصّن مجتمعنا تجاه الأخطار والصراعات العبثية والمفتعلة، وبما يحافظ على السلم الأهلي ويصون قيم العيش المشترك، وضمان تعزيز الفكر والسلوك الديمقراطي وحماية الحريات الفردية والعامة.
في الختام، أجدّد شكري لكم جميع على الحضور والمشاركة، كما أجدّد التهاني لكم جميعا بعيدي الأكيتو والقيامة.
المجد والخلود لشهداء شعبنا ووطننا
كل عام وأنتم بخير.. عشتم وعاشت سوريا وطنا حرا لجميع أبنائها
31 آذار 6767آ- 13/3/2018م