31-10-2023
أصدر المكتب الإعلامي في المنظمة الآثورية الديمقراطية بيانا في ذكرى يوم الصحافة الآشورية هذا نصه:
بمناسبة الذكرى الرابعة والسبعين بعد المائة ليوم الصحافة الآشورية، والمصادف لذكرى صدور أول صحيفة مطبوعة باللغة السريانية في الأول من تشرين الثاني العام ١٨٤٩، يتقدم المكتب الإعلامي في المنظمة الآثورية الديمقراطية بالتهاني من جميع الصحفيين والإعلاميين والكتاب السريان الآشوريين في العالم، متمنيا لهم المزيد من النجاح والعطاء والتطور في مهنة المتاعب، مهنة الصحافة.
لقد أدرك رواد الفكر القومي من الصحفيين الأوائل أهمية الإعلام في تشكيل الوعي السياسي وبناء الرأي العام حول مختلف القضايا لدى أبناء شعبنا السرياني الآشوري، لا سيما في ظل ما تعرض له هذا الشعب المسالم من اضطهادات ومجازر وتهجير منذ مطلع القرن الماضي، حتمت على نخبه الفكرية من مختلف طوائفه التصدي لحالة التخلف والانكسار والتشرذم التي فرضتها ظروف القهر على أبناء هذه الأمة، ولذلك كان هؤلاء سباقين في إصدار الصحف والمطبوعات في المنطقة. هذه الصحف التي وضعت بمقالاتها ومواضيعها وطروحاتها اللبنة الأولى في ما سيصبح لاحقاً أول حزب سياسي في تاريخ ابناء شعبنا، ونعني به المنظمة الآثورية الديمقراطية.
إلا أن نظرة موضوعية، وبعين فاحصة وناقدة، إلى الإعلام السرياني الآشوري المعاصر في يومنا هذا تظهر ضعفاً كبيراً في نوعية المحتوى المقدم فيها إلا باستثناءات قليلة جدا. ما يحتم على القائمين على هذه الوسائل والمنابر الإعلامية (تلفزيونات، قنوات تواصل اجتماعي، مواقع إلكترونية وغيرها) العمل جدياً من أجل الارتقاء بها وتطويرها. ناهيك عن أن الكثير من هذه المنابر يفتقر إلى الاحتراف، ويبتعد عن الموضوعية والعلمية والمهنية والحيادية في طريقة طرح القضايا التي تهم الشارع السرياني الآشوري، بل وينحو خطاب بعضها منحىً شعبوياً وعاطفياً لا بل تحريضياً من جهة، ويقوم بممارسة التملق للمؤسسة الدينية وبعض السلطات السياسية من جهة أخرى.
في هذا السياق وفي ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا والعالم باتت الحاجة ملحّة لإيجاد إعلام قومي مهني محترف جامع وموحِّد يملأ الفراغ الكبير الذي خلفه غياب الصحافة الملتزمة العاقلة والمسؤولة، ويستفيد من التقدم التكنولوجي الهائل الذي يعيشه عالمنا اليوم في عصر الذكاء الاصطناعي، تحديداً في قطاع صناعة الإعلام، لنرتقي بإعلامنا وصحفيينا ومنابرنا إلى مستويات تليق بتاريخ هذه الصحافة، ونرفع من سوية المحتوى الذي يقدم للمتلقي، الذي يستحق أفضل من هذا بكثير.
أخيرا وفي هذه المناسبة الكبيرة والعزيزة نقدم التحية – كل التحية – لجميع الصحفيين والإعلاميين والكتاب من أبناء شعبنا السرياني الآشوري، محترفين منهم ومبتدئين وهواة، ممن يسهمون بصدق وإيجابية، وبروح المسؤولية القومية، في نقل صوت شعبنا ومعاناته إلى المنابر العربية والعالمية، ويعملون على نشر الوعي وتعميق قيم الأصالة والانتماء والتضحية في عقول وقلوب وضمائر متابعيهم. كما ونتقدم بالتحية والاحترام من أرواح الاعلاميين والكتاب الذين غادروا عالمنا مؤخراً ليلتحقوا بأصحاب الفكر الحر والقلم الحر ممن سبقوهم إلى حيث الخلود.
اليوم، وبعد مئة وأربعة وسبعين عاماً من صدور أول صحيفة باللغة السريانية، لا يزال الصراع قائماً وشرساً بين حَمَلة الأقلام المستنيرة من جهة، وقوى الاستبداد والظلام من جهة أخرى. فكما سال حبر الصحفيين الأوائل على جراح شعبهم بلسماً شافياً، وسيق بعضهم إلى حبل المشنقة بسبب مواقفه وكتاباته، مثل آشور يوسف محرر صحيفة مرشد الآشوريين، ويوخنا موشي محرر صحيفة كخوا باورميا، وبشار حلمي بوراجي محرر صحيفة شيفورو بدياربكر، الذين استشهدوا عام ١٩١٥، وفريدون اثورايا صاحب صحيفة ناقوشا الذي اعدم عام ١٩٢٦ على يد السلطات السوفيتية، فإن صحفيي وإعلاميي اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالاستمرار في مسيرة نشر الوعي وقول الحقيقة ونبذ الجهل وتعميم خطاب الوحدة ورص الصفوف، ليكونوا بذلك خير خلف لخير سلف.