26-10-2021
نص المقابلة التي أجراها الصحفي عبدالمسيح ابراهيم مع السيد كبرئيل موشي حول الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف لصالح الوكالة الآشورية للانباء AINA.
س: مرحبا بكم في جنيف. أولاً ، هل لك أن تخبرنا كيف أن الوضع الأمني في الجزيرة ، شمال شرق سوريا ، هو المكان الذي تعيش فيه؟
ج: أهلاً وسهلاً بكم.
الوضع الأمني في الجزيرة مستقر نسبياً بالقياس إلى المناطق السورية الأخرى، لكنّه استقرار هش، بسبب المخاوف من تجدّد الصراع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع تركيا والفصائل العسكرية التي تعمل معها، ما قد يؤدي إلى دورة جديدة من العنف خصوصاً في مناطق التماس وبشكل أساسي في مناطق التماس لا سيما في الريف الغربي لبلدة تل تمر. ما لم يتم تقليل الاستفزازات المتبادلة في هذه المنطقة من قبل الروس والأمريكان الذين تربطهم اتفاقات مع تركيا تقضي بإبعاد قوات سوريا الديمقراطية مسافة 30 كم عن الحدود التركية.
س: كيف تقيم الوضع الصحي والإنساني والاقتصادي في الدولة؟ كيف تتأثر الحياة بوباء كورونا في المنطقة؟
ج: الوضع الإنساني يرتبط بشكل أساسي بالوضع الاقتصادي، حيث يعاني الغالبية العظمى من سكان سوريا من تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفشّي الغلاء وضعف القدرة الشرائية عند المواطنين بسبب تراجع قيمة الليرة السورية، وقلة رواتب العاملين والموظفين التي تبلغ وسطياً حوالي 20 دولار شهرياً وهي لا تكفي العائلة سوى لأيام قليلة لشراء المواد الأساسية، بينما تحتاج عائلة مكونة من 5 أشخاص إلى مبلغ يقدّر بمليون و300 ألف ليرة سورية لتأمين الحاجات الأساسية. هذا إضافة إلى انقطاع الكهرباء ساعات طويلة وقلة الوقود والغاز. معظم الناس يعتمدون على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية، وكذلك على المبالغ البسيطة التي يرسلها الأهل في بلدان الاغتراب.
طبعاً الأوضاع الصحية صعبة جداً وترتبط بالوضع المعاشي، وهناك انتشار كبير لوباء كورونا في معظم المناطق السورية والدولة وسلطات الأمر الواقع عاجزة عن مواجهة هذا الوباء بسبب انهيار القطاع الصحي وغلاء أسعار الدواء، وعدم القدرة على فرض قيود لفترات طويلة. صحيح أنذ منظمة الصحة العالمية أرسلت أعداد من اللقاحات لكنها ليست كافية، وهناك حاجة ملحة لزيادة كميات اللقاح وحاجة أكبر للمساعدات الإنسانية.
س: حضرت في وقت سابق الاجتماعات الدستورية التي تقودها الأمم المتحدة. وفقًا لبيان صادر عن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ، غير بيدرسون ، كان هناك اتفاق واضح على إجراءات الاجتماع بين المعارضة السورية وممثلي الحكومة السورية ، والذي بدا أنه عقبة أمام التجمع السابق في جنيف. هل قبلت الكتل الثلاث بعضها البعض في النهاية ويمكن أن يبدأ العمل الدستوري الحقيقي؟
ج: في الجولة الحالية لاجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة التي بدأت أعمالها في جنيف يوم 18 اكتوبر الحالي، تمّ الاتفاق على منهجية جديدة لعقد الاجتماعات، تقتضي أولاً عقد اجتماع للرئيسين المشتركين للجنة الدستورية مع المبعوث الخاص السيد غير بيدرسون قبل انطلاق أعمال الجولة رسمياً من أجل التحضير للجولة. كما تم الاتفاق على أن تقدم الوفود مقترحات مكتوبة لصياغات دستورية للمبادئ المطروحة للنقاش.
س: كما هو مفهوم ، هناك مجموعة فرعية للصياغة تتكون من 15 شخصًا تم تعيينهم بالتساوي من الكتل الثلاث للجنة الدستورية الأكبر المكونة من 150 شخصًا ، وتم تجميع الأخيرة من مندوبين من المعارضة السورية والنظام السوري وممثلي المجتمع المدني. هل يمكنك وصف مسار الاجتماعات؟
ج: مسار الاجتماعات في هذه الجولة يسوده نوع من الهدوء على عكس الجولات السابقة التي شهدت الكثير من المشاحنات والاستفزازات التي كان يفتعلها وفد الحكومة لعدم جديته ولعدم إيمانه بالعملية السياسية ومنها مسار الدستور. لكن هذه الجولة وبسبب الضغوط الروسية على الوفد الحكومي، تناقش بعض القضايا الدستورية. ولا يخلو الأمر من محاولات التعطيل من قبل الوفد الحكومي وإثارة قضايا لا علاقة لها بالدستور بين الفترة والأخرى.
س: ما هي القضايا الرئيسية التي تركز عليها الجلسات الأخيرة؟ هل نتحدث عن تعديل أو تغيير للدستور السوري الحالي أم الهدف صياغة دستور جديد بالكامل؟
ج: تقدّمت الوفود بأربعة أوراق تتضمن صياغات لمبادئ دستورية جرت مناقشتها من قبل جميع أعضاء اللجنة المصغرة خلال الأيام الماضية. حيث قدم وفد الحكومة مقترح بعنوان ” سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها”. بينما وفد المعارضة قدّم مقترح بعنوان ” الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات”، وفد المجتمع المدني المقرّب من المعارضة قدّم ورقة بعنوان ” سيادة القانون”. في اليوم الرابع قدّم وفد الحكومة مقترح ثاني بعنوان ” الإرهاب والتطرّف”. وفي اليوم الخامس يتم مناقشة كل المقترحات والتعديلات. طبعاً الترتيب في الجولة المقبلة سيكون معكوساً، حيث سيقدم وفد المعارضة مقترحين بينما وفد الحكومة سيقدم مقترح واحد. من خلال المناقشات التي جرت، لوحظ وجود اختلاف كبير بين رؤية المعارضة والحكومة، ورغم سعي بعض الأطراف الدولية لإشاعة أجواء من التفاؤل، غير أنّه من المبكّر القول بأنّه بدأ العمل فعلياً على الدستور الذي يتطلّع إليه السوريون.
حسب القرار 2254 المطلوب هو صياغة دستور جديد وليس تعديلاً دستورياً وفق ما يتمسك به وفد المعارضة، وحسب ولاية وتفويض اللجنة الدستورية فإنّ الغاية من الإصلاح الدستوري هي تطبيق القرار 2254. وبالتالي تعديل دستور 2012 ليس مطروحاً وإن كان بإمكان اللجنة الدستورية الاستفادة من التجارب الدستورية السابقة التي عرفتها سوريا بهدف صياغة دستور جديد.
س: في أي شكل يتصرف اللاعبون الرئيسيون ذوو الوجود العسكري في البلاد ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وإيران؟ هل هم مجرد مراقبين للاجتماعات؟
ج: أظهرت حكومات روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وتركيا دعمها لأعمال اللجنة الدستورية ومساندتها لجهود المبعوث الدولي الخاص. وأرسلت هذه الدول مبعوثين رفيعي المستوى لمواكبة أعمال الجلسة السادسة مثل روسيا حيث اجتمع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مع الوفود الثلاثة وحثهم على الاستمرار والتعاطي بإيجابية مع العملية الدستورية. كذلك التقى ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وبريطانيا مع وفد المعارضة.
س: ما هي مهمتك عندما أتيت إلى جنيف كممثل عن ADO؟ بمعنى آخر ، ما هي مطالب ADO لدستور سوري مستقبلي؟
ج: تمت تسميتي إلى جانب زميلي عبدالأحد اسطيفو كممثلين للمنظمة الآثورية الديمقراطية كأعضاء في اللجنة الدستورية الموسّعة من قبل هيئة التفاوض السورية. وكما تعلمون أن اجتماعات الجولة السادسة تقتصر على أعضاء اللجنة المصغرة التي لسنا ممثلين فيها. ووجودي في جنيف اليوم هو من ضمن الفريق الاستشاري الذي شكّله المركز الأوربي للدراسات الكردية والذي يضم إلى جانبي ممثلين عن المجلس الوطني الكردي في سوريا من أجل مواكبة أعمال الجولة السادسة واللقاء مع ممثلي المعارضة والمجتمع المدني في اللجنة الدستورية، وكذلك الاجتماع مع ممثلي الدول من أجل حشد التأييد والمناصرة لمطالبنا. حيث تدعو المنظمة الآثورية الديمقراطية إلى بناء دولة ديمقراطية علمانية تقرّ دستورياً بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين وكافة القوميات، وضمان كافة حقوقهم القومية ضمن إطار وحدة سوريا. دولة لامركزية تحترم حقوق الإنسان، وتقوم على أساس المواطنة المتساوية والشراكة الكاملة بين السوريين بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس.
س: كما لوحظ ، هناك أفراد مسيحيون آخرون في الهيئة الدستورية الأكبر ، لكن ADO تمثل الآشوريين كمجموعة عرقية وأصلية في البلاد. هل كنائسنا المختلفة (الأرثوذكسية والكاثوليكية والكلدانية وكنيسة المشرق) ممثلة في الهيئة الدستورية؟
ج: صحيح أن ممثلي المنظمة يقدمون أنفسهم باعتبارهم يمثلون حالة قومية، وهناك أعضاء مسيحيون آخرون يتوزعون على الوفود الثلاثة لكنهم لا يقدّمون أنفسه باعتبارهم حالة قومية، أو حتى ممثلين لكنائسهم.
س: ما هو نوع التقدم المتوقع من هذه الجلسات وما الذي تم تحقيقه بالفعل خلال هذا الاجتماع؟
ج: في هذه الجولة لأول مرّة يتم الانتقال من مرحلة النقاشات العامة وتبادل الاتهامات للدخول في عملية تناول مضامين دستورية وتقديم صياغات مكتوبة حولها. قد لا يتمخّض هذا الاجتماع عن مخرجات متوافق عليها، لكن هذا لا يمنع من طرح مضامين ومبادئ دستورية أخرى في الجولات القادمة. لتحقيق تقدّم جدي نحتاج إلى وقت لتقريب وجهات النظر وبناء عوامل الثقة، وهذا لا يمكن أن يتحقّق بمعزل عن الضغط والمواكبة الدولية.
س: ما هي الخطوات التالية المتفق عليها ، الخطة إلى الأمام؟
ج: على الأغلب سوف يتم الاتفاق على عقد جولتين جديدتين للجنة المصغرة قبل نهاية عام 2021 للنتظر ونرى كيف ستكون الأمور لنحكم ما إذا كنّا نتقدّم نحو الأمام.
س: كانت هناك تقارير مؤخرًا تفيد بأن قرى الخابور الآشورية تتأثر بشكل منتظم بالقصف التركي. كيف هو الوضع الآن؟
ج: تأثّرت بعض قرى الخابور الموجودة غرب تل تمر والقريبة من خطوط التماس بين الفصائل المدعومة من تركيا وبين قوات سوريا الديمقراطية، جرّاء أعمال القصف المتبادل بين الطرفين، والناتجة عن استفزازات من الطرفين حيث تتمركز قوى سوريا الديمقراطية في بعض قرى شعبنا في الخابور. وتصاعدت حدّة القصف في الشهرين الماضيين وأدّى ذلك لنزوح ماتبقّى من أبناء شعبنا من هذه القرى. وقد أدانت المنظمة الآثورية الديمقراطية هذه الاعتداءات ودعت جميع الأطراف إلى تحييد المدنيين وعدم تحويل قرى شعبنا إلى ساحة للأعمال العسكرية. وبرزت مؤخرا محاولات لتهدئة الأوضاع في هذه المنطقة ومناطق أخرى من قبل روسيا وأميركا من أجل وقف عمليات التصعيد والتحشيد العسكري المتبادل بين تركيا والقوات الموالية لها وبين قوات سوريا الديمقراطية التي تتهمها تركيا بأنّها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تنظيماً إرهابياً.
س: تطفو على السطح أيضًا تقارير عن الأعمال الاستبدادية للإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد. تم إلقاء القبض على شخصين مؤخرًا ، ومُنعت من السفر إلى العراق مرتين ، على سبيل المثال لا الحصر. كيف هي علاقات ADO مع الإدارة كجماعة سياسية معارضة وكيف ينظر إليها غالبية الآشوريين في المناطق؟
ج: إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية تتعامل مع الإدارة الذاتية كسلطة أمر واقع، وللأسف فإنّ هذه الإدارة من أجل فرض سيطرتها وهيمنتها تقيّد الحريات العامّة والسياسية، وتستخدم أساليب قمعية تجاه المختلفين معها سياسياً، ورغم وجود أحزاب سريانية آشورية متحالفة معها، لكن مصداقيتها ضعيفة عند أبناء شعبنا السرياني الآشوري وعند أبناء الشعوب الأخرى بما في ذلك الأكراد. والمنظمة الآثورية الديمقراطية في الحقيقة وعبر نهجها السلمي لا تسكت عن هذه الممارسات، بل على العكس تكشفها للعلن وتمارس ضغوط سياسية وإعلامية من أجل وقف هذه الممارسات.
النص الأصلي باللغة الانكليزية في الرابط أدناه.
http://www.aina.org/news/20211025230707.htm?fbclid=IwY2xjawFyYkhleHRuA2FlbQIxMQABHSMzC8JLewubm-beQI_pXLjUJRQZWyj8ZETSQysfoEQYf6tTpKUkLT8xsg_aem_Jle46J6S05RNzAn-TQewhg