جمال البدراني
الموصل (العراق) – ميدل ايست اونلاين ++ خفض بسام هرمز أسعار بضائعه لتصفية مخزونه من الاجهزة الكهربائية كي يغلق متجره وينضم لعدة آلاف من العراقيين المسيحيين في الخارج. وبلغ عدد مسيحيي العراق في وقت من الاوقات 750 ألفا في بلد غالبية سكانه من المسلمين، ويبلغ عدد سكان العراق 30 مليوناً. ووقع المسيحيون في مرمى نيران العنف الطائفي التي أشعلها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بنظام صدام حسين العلماني عام 2003. وخوفاً على أنفسهم ناشد القادة المسيحيون في العراق البابا بنديكت تقديم العون.
ودعا البابا الذي يساوره القلق أيضاً بشأن تراجع الوجود المسيحي في المناطق الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل مجلس أساقفة للاجتماع بين 10 و24 من أكتوبر/تشرين الاول لبحث سبل عمل الكنائس معاً من أجل الحفاظ على أقدم الطوائف المسيحية. وسيبحث الاجتماع وثيقة أعدها الفاتيكان تنتقد "عدم احترام القانون الدولي" وانتهاكات حقوق الانسان وخروج المسيحيين من الشرق الاوسط فراراً من الصراعات.
وتفيد الوثيقة التي نشرت في يونيو/حزيران بأن هجرة المسيحيين "زادت على نحو خاص جراء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وحالة عدم الاستقرار في الشرق الاوسط". وتشير الوثيقة الى عدم الاستقرار السياسي في لبنان والاوضاع الخطرة في العراق "حيث أطلقت الحرب قوى الشر". وأدت أعمال العنف وحالة انعدام الامن الطويلة الامد التي سادت بعد الحرب الى اخافة المسيحيين الذين يشعر كثير منهم بأنهم لا مستقبل لهم في العراق.
وقال هرمز صاحب المتجر الذي سيأخذ أسرته من مدينة الموصل المضطربة في شمال العراق الى هولندا التي يعيش فيها شقيقه "قررنا المغادرة بعدما فقدنا الامل في العيش في سلام في العراق. لم يكن هذا خيارنا". وألقى نظرة ملؤها الحسرة على البقية الباقية من البضائع في متجره، كما يبدو منزل أسرته خاوياً بعدما تم بيع معظم أثاثه. ومنذ عام 2003 غادر العراق مئات الآلاف من المسيحيين الذين وصفهم البابا بنديكت بأنهم "أضعف أقلية دينية" في العراق وذلك في مناشدة من أجل تحسين الامن هذا العام.
وربما لم يعد من الاقلية المسيحية الراسخة القدم في العراق منذ قرون الا نصفها على الرغم من عدم وجود بيانات رسمية بشأن عددهم. ويغادر البلاد المزيد من المسيحيين على الرغم من تراجع حدة العنف بشكل عام في الاعوام الثلاثة الاخيرة مع انحسار اراقة الدماء بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت تحكم البلاد فيما سبق. وما زال المسيحيون يتعرضون لهجمات بين الحين والاخر ولا سيما في محافظة نينوى في شمال البلاد والتي تعتبر آخر معقل حضري لمتشددي القاعدة الاسلاميين.
ولم يتضح ما اذا كانت الهجمات تستهدفهم بسبب دينهم أو بسبب العناوين التي تنشرها وسائل الاعلام الغربية بشأن معاناتهم أو بسبب انتمائهم السياسي أو لاسباب أخرى. وفي فبراير/شباط قتل مسلحون ثمانية مسيحيين في الشوارع أو في أماكن عملهم في الموصل مما دفع بالالاف للفرار. ووقعت أعمال القتل تلك قبل أسبوعين من انتخابات برلمانية لم تسفر عن فائز واضح ولم تتشكل حكومة جديدة حتى بعد مرور ستة شهور على اجرائها.
وفي مايو/أيار انفجرت قنبلة بالقرب من حافلة تقل طلاباً جامعيين مسيحيين في الموصل مما أدى الى مقتل واحد منهم على الاقل واصابة مئة. ومهاجمة المسيحيين وسيلة ناجعة لتسليط الضوء على قصور قوات الامن العراقية فهي تجتذب اهتماما اعلاميا أكبر بكثير من الاهتمام الذي يجتذبه قتل أعداد أكبر كثيرا من المسلمين.
ويشعر المسيحيون كغيرهم من أبناء الاقليات في شمال العراق بعدم الامان بينما يتقاتل العرب والاكراد على الاراضي وعلى النفط. وقال باسم بلو رئيس بلدية تلكيف القريبة من الموصل ان مغادرتهم على أشدها لعدة أسباب منها الوضع الاقتصادي والامني والهجمات المباشرة وأعمال الخطف التي يتعرض لها المسيحيون. وأشار الى أن 1050 أسرة في بلدته ذات الاغلبية المسيحية نزحت الى الخارج في عام 2008 وحده. ويكون الخروج في الاغلب عاطفياً كما هو الحال بالنسبة لهرمز وأسرته التي تغادر منزلها الذي بنته قبل 20 عاماً في الموصل.
وقالت أم ادوارد زوجة هرمز "كنت أرفض فكرة المغادرة..ولكنني تقبلتها بمضي الوقت وخصوصا حينما أسمع بمقتل أصدقاء وأشعر بالحزن أيضاً على حديقتنا التي أحبها كثيراً لن يعتني بها أحد كما أعتني بها".