الرئيسية / مقابلات / مقابلة مع السيد بشير سعدي مسؤول المكتب السياسي للمنظمة الاثورية الديمقراطية(الجزء الثاني)

مقابلة مع السيد بشير سعدي مسؤول المكتب السياسي للمنظمة الاثورية الديمقراطية(الجزء الثاني)

 

نص الحوار الشامل الذي اجراه موقع اللقاء الديمقراطي السوري
مع السيد بشير سعدي عضو مكتب الأمانة العامة لإعلان دمشق
ومسؤول المكتب السياسي للمنظمة الآثورية الديمقراطية

ثانياً: ملف النظام السوري ومعارضاته

س1- كيف تقرأ مستقبل سوريا في ظل الضغوط المتسارعة التي شملت مختلف الملفات؟
ج1- أعتقد أن المستقبل يتوقف على طريقة إدارة الأزمة والضغوط، برأيي أن الفرصة متوفرة لسوريا للتخلص من هذه الضغوط، فأمريكا بعد فشل مشروعها في العراق، واستنتاجها أن شعوب المنطقة غير مهيأة لإدارة حكم ديمقراطي، وأنه لا توجد حاضرا بدائل سياسية ديمقراطية وعلمانية مهيأة لتكون بديلا للأنظمة القائمة، وأن البديل المتوفر هو الإسلام السياسي وهذا مرفوض من أمريكا، والأمثلة على ذلك رأته أمريكا في العراق وفي فلسطين، وبالتالي يمكن أن تتكرر الحالة في سوريا، ولهذا أعتقد أن أمريكا وأوروبا تفضل أن تبقي على الأنظمة على أن تغير في سياسياتها المعادية لمشاريعها في المنطقة، أي المطلوب هو تحسين السلوك لهذه الأنظمة كما عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية، ولذا أرى إن استطاع النظام السوري إيجاد مخرج وحل من خلال القيام بإصلاحات سياسية في الداخل، ولجأ لفك تحالفه مع إيران خارجيا، وتحسين علاقاته مع أمريكا وأوروبا ومع الدول العربية، يمكن أن يتهيأ المناخ للخروج من الأزمة.

س2- برأيك ما هو المطلوب من سوريا كسلطة ومعارضة لإحداث التغيير دون إرهاصات تتبعها خسائر كارثية؟
ج2- أعتقد أن السبيل الملائم لإحداث التغيير الديمقراطي الآمن هو ممكن في حال اقتنع النظام بأن التغيير آت لا محالة ولا سبيل لممانعته، وفي هذه الحالة أرى أن السبيل الأفضل والآمن هو أن يبادر النظام لطرح برنامج إصلاحي يتحدد بتعديلات دستورية أولها إلغاء المادة الثامنة من الدستور، وإصدار قانون أحزاب وقانون انتخابات يقران بالتنوع القومي والسياسي وبتبادل السلطة، ومن ثم الدعوة لمؤتمر وطني يشمل جميع القوى الوطنية دون استثناء يتم فيه وضع برنامج عملي للإصلاح، وأولها الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة وانتخابات رئاسية تؤمن حق المنافسة للجميع، وإخلاء السجون من معتقلي الرأي وطي ملف الاعتقال السياسي كليا، ووقف العمل بحالة الطوارئ كخطوات أولية لا بد منها. وأعتقد أن المعارضة السورية لا بد أن ترحب بمثل هذه المبادرة وتتعاون معها بايجابية، وهذه ستكون السبيل الآمن والأفضل للانتقال للحالة الديمقراطية دون أية خسائر.

س3- أجمعت مختلف فصائل المعارضة على التغيير الديمقراطي السلمي، ما الذي يعيق توحيد ممارساتها ميدانيا وفشلت أغلب محاولات لم الشمل في مؤتمر وطني عام يضم الجميع؟
ج3- إن معظم القوى السياسية السورية وحدت صفوفها في إطار معارض أعلن عنه بتاريخ 10-10-2005 ، تحت عنوان ” إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ” وانضم إليه معظم القوى والشخصيات السورية الموجودة في الخارج أيضا، وهي في طور الإعداد لعقد المؤتمر الوطني، بعد أن تم إنجاز تشكيل هيكلية تنظيمية للإعلان ، لقد حدث تأخير في عقد المؤتمر، بسبب مجمل الظروف الذاتية والموضوعية من حول الإعلان، إلا أن قوى الإعلان استطاعت أن تستمر وتعزز تجذرها في الساحة السياسية وتكسب التعاطف والتأييد الشعبي، كما أنها قامت بعديد من الأنشطة السياسية خلال الفترة السابقة، وأعتقد أن استمرار قوى الإعلان بعملها وبقاءها حية مستمرة في مثل هذه الظروف الصعبة هو نجاح بحد ذاته.

س4- هل انتم مع رؤية الإخوان في التغيير وهو الرقم الأقوى البديل عن النظام بحسب المراقبين ما رهاناتكم على بديل آخر انتم مثلا ؟ وهل ترون نفسكم بديلا جديرا؟
ج4- نحن مع قيام نظام ديمقراطي علماني يقوم على مبدأ المواطنة وشرعة حقوق الإنسان، تحت ظل هوية وطنية سورية تحتوي ما هو قائم بالمجتمع السوري من تنوع قومي وديني وسياسي. ولا أعتقد أن برنامج الأخوان المسلمين ورؤيتهم الجديدة قريبة على برنامجنا، ولا أعتقد بأن الأخوان المسلمين هم بديل مفترض ولا بديل أفضل، وبنفس الوقت أعتقد أن البديل الديمقراطي الوطني حاليا غير مهيأ، فهو قيد التشكل برأيي عبر “إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي”. وربما إذا اقتنع النظام كما كانت صيغة السؤال السابق بالمبادرة الجدية للإصلاح ستوفر على البلاد فوضى محتملة لا يتمناها أحد، إن مثل هذه المبادرة المفترضة التي تقل فرصها يوما بعد يوم هي السبيل الآمن والأسرع لإحداث التغيير أو للبدء به.

س5- انتم أحد الأطراف التي باركت إعلان دمشق، هل ترونه بمثابة السقف للمطلب المعارض في هذه المرحلة؟
ج5- إن إعلان دمشق بوثيقته المعلنة وبياناته اللاحقة هو تقاطع وتوافق لرؤى سياسية بين قوى سياسية مختلفة الرؤى والبرامج، ولكن الإعلان هو خلاصة التوافقات المرحلية على هذه البرامج التي جميعها تجمع على حتمية التغيير الوطني الديمقراطي، عبر آليات النضال الديمقراطي السلمي، وهو بقناعتنا خيارا سليما بل وحيدا في الظروف الحالية.

س6- أين ترون قوة المعارضة وما مقتلها وما أماكن قوتها وماذا يجمعها؟
ج6- إن قوة المعارضة هي في حسم خياراتها السياسية وإعلانها عن نفسها بعلنية وثقة في إطار إعلان دمشق، وفي استمرارها في نشاطها بثبات وتوافق يتعزز يوما بعد يوم، رغم ضمها لمختلف التنوع السياسي والقومي للمجتمع السوري في أول تجربة لإطار تحالفي واسع في سوريا منذ عقود. وما يجمعها هو توحدها في هدف وضرورة التغيير نحو الديمقراطية وفي اتفاقها على وثيقة سياسية شملت مجمل تقاطعات وتوافقات القوى المشاركة، أما ما مقتلها فأرى أن مقتل أي جهة هو تطرفها وعدم واقعيتها السياسية وعدم تجاوبها مع المبادرات ومع الظروف المستجدة بعقلية وروح عملية. ولحد الآن أرى قوى الإعلان تتميز بالواقعية والحكمة السياسية وهذه قوة إضافية لها.

س7- بدأت تظهر تصريحات لأصوات معارضة منادية بالتغيير يصل لحد الاستنجاد بقوى خارجية، ألا تعتقدون أن ذلك يثير قلق المواطن الذي تنشدون مساندته ؟
ج7- لم أسمع بمثل هذه الأصوات، وإن وجدت فهي تعبر عن نفسها فقط، ولا أعتقد أن الشعب السوري المتميز بحس الوطني الرفيع يقبل بالاستنجاد بقوة خارجية مهما كان شكلها.

س8- كيف تقيمون التحالف مع كل من يخاصم الحكم، قياسا على “عدو عدوي صديقي” بما في ذلك خصوم الأمس من المنشقين عنه على غرار عبد الحليم خدام؟ إلى أي مدى توافقون خدام بتبنيه الديمقراطية التي كان يعارضها بالأمس، وهل تتصلون به؟
ج8- أعتقد أن التحالف السياسي يجب أن يكون مبدأيا، أي أن يشمل القوى التي لها نهجا سياسيا متقاربا أو أن تتفق على مبادئ سياسية عامة، لا أن تتفق فقط على تغيير النظام ومن ثم تبدأ مباشرة بالتقاتل فيما بينها، وأعتقد أنه يجب أن تتوفر في أي تحالف الصدق والمصداقية والأخلاقية بين القوى المتحالفة، ولا مبرر أخلاقي ووطني لقيام تحالف على أساس المصلحة الآنية فقط، وعليه فإن التحالف مع منشقين أمثال عبد الحليم خدام هو خطأ جسيم، ويفقد القوى الوطنية المتحالفة المصداقية لدى شعبها. يمكن للمنشقين أن يتحالفوا مع بعضهم ويعملوا لوحدهم بطريقتهم الخاصة وهذا شأنهم، وقبل كل شيء يجب أن يعتذروا لشعبهم عن إساءاتهم السابقة كخطوة أولى قبل أن البدء بأي عمل معارض. وبالنسبة لعبد الحليم خدام أو غيره من المنشقين عن النظام، لا أعتقد بأي حال من الأحوال أنهم صادقون بما يطرحونه من شعارات ديمقراطية، لأن الديمقراطية لا تخدمهم وليست من مصلحتهم بعد أن مارسوا الاستبداد والفساد وجبلوا عليه. ونحن لا اتصال لنا مع عبد الحليم خدام.

س9- البعض اعتبر قبول خدام في صف المعارضة تغييرا في الرؤى وتناقضا في التوجهات، هل تفصلون وتخيطون وفقا للمخزون النظري لديكم أم ترجعون في ذلك للشارع السوري وكيف؟
ج9- لا أفهم سؤالكم عن معنى قبول خدام في صف المعارضة، وأي معارضة تقصد ؟، إن كنت تقصد معارضة إعلان دمشق، فهو ليس عضوا فيها، أما إن كنت تقصد إعلانه مع بعض القوى السياسية السورية المعارضة في الخارج قبل شهور في مدينة بروكسل عن معارضتهم الخاصة بعنوان ” جبهة الخلاص الوطني ” فهذه لا علاقة لإعلان دمشق بها، وهي تخص المشاركين فيها، ومن حق أي قوى سياسية أن تنتظم فيما بينها وتعلن عن نفسها تحت أي إطار تنظيمي تختاره وتحت أي برنامج تطرحه، فالمعارضة باعتقادي معارضات، وكل لها نهجها وسبل عملها. وبالنتيجة الشعب سيحدد خياره في إعطاء ثقته لهذا الإطار أو ذاك من المعارضات.

س10- هناك من يطالب خدام بالاعتذار عن سجله في الانتهاكات لحقوق الإنسان وصفقة النفايات المشعة وسواها، فهل ستمنحونه صك غفرانكم مقابل ذلك أم تساومونه على تنازلات أخرى؟
ج10- لسنا نحن من يقبل أو يرفض هذا أو ذاك، بل صاحب الصلاحية هو الشعب والرأي العام الوطني، ولكن أعتقد أن أي منشق عن النظام قبل أن يطرح خطابه ودعوته للناس أن يعتذر منها عن مجمل انتهاكاته وفساده كبداية وخطوة أولى قبل أن يقول حرفا واحدا ، باعتقادي من واجب المنشقين أن يحترموا الناس وأن يتعودوا على احترام ذكائها ومشاعرها، وأن ينسوا سلوكية الحاكم الذي تعود أن يصفق له الناس في أي لحظة يختارها ومهما قال من كلام، ويتوجب على المنشقين ممن تلوثت أيديهم بالفساد والانتهاكات أن يعتذروا لشعبهم وأن ينكفئوا عن الحياة العامة، ويكفيهم أن يتخلصوا من محاسبة وعقاب الشعب لهم نتيجة أخطائهم بحقه، وأن لا يحلموا بالعودة لكراسيهم من جديد وتحت لبوس جديد.

س11- المعارضة تنادي بالحوار السلمي والنظام يتعامل معها بالعنف والسجن، فما الحل ليرضخ النظام للصوت الداخلي المسالم كما يرضخ للصوت الخارجي الأوامري؟
ج11- لا بديل أمام المعارضة في إعلان دمشق عن النضال السلمي، ولا يمكن أن يكون هذا النضال دون ثمار وإن طال الزمن وكثرت التضحيات، ولا يمكن أن يستمر النظام في تجاهله لقوى المعارضة إلى الأبد، أنا أعتقد أن النظام سيضطر للاقتناع بأهمية وضرورة وحتمية الإصلاح، وطريقه الوحيد فتح باب الحوار مع المعارضة ومجمل القوى الوطنية الفاعلة بالساحة الوطنية من أجل فتح ملف برنامج حقيقي للإصلاح.

س12- ما مدى جدية وعملية شعار إسقاط النظام الآن، كما هي حال رسالة رياض الترك، وما هي الوسائل التي يمكن أن تحققه؟
ج12- لا يوجد في معارضة إعلان دمشق شعارا من هذا النوع، أقله بهذه الصيغة، وما هو مطروح وقائم هو العمل من أجل التغيير الوطني الديمقراطي، وبالطرق والسبل السلمية، ووسائل تحقيق ذلك سبق أن أجبت عنها في سؤال سابق.

س13- ما هي إمكانية التوفيق بين أجندة السلطة والمعارضة للسير في إصلاح حقيقي بوتائر متسارعة، وما هي عوائق وجود مثل هذا الوفاق طالما الكل ينادي بالإصلاح؟
ج13- لقد أجبت في سؤال سابق عن مثل هذا السؤال، ولحد الآن ما هو مطروح في أجندة السلطة في مفهوم الإصلاح لا يتطرق للإصلاح السياسي، بل ما يحكى عنه هو الإصلاح الاقتصادي والإداري، ويبدو أن المراكز التي تعيق فتح ملف الإصلاح السياسي بالسلطة هي الأقوى.

س14- ما موقفكم من التمويل الخارجي وما هي شروط قبوله لدعم المعارضة طالما أنها لا تملك شروى نقير؟
ج14- نحن ضد التمويل الخارجي، من يتقبل التمويل يصبح أداة طيعة لمصدره ، وما ينقص المعارضة ليس التمويل، بل استكمال هيكليتها وتعميق جذورها في الأوساط الشعبية وفي تعزيز التماسك والخبرة والإرادة والتصميم على السير قدما نحو الأمام، بشفافية وجلاء وعلنية وواقعية سياسية، أراها تنمو يوما بعد يوم .

س15- ما موقفكم من تصدير الثورة على الطريقة البلشفية في الأمس وتسويق الديمقراطية واستيرادها جاهزة من الغرب المتطور؟
ج15- إن نشر الأفكار مسألة طبيعية وإنسانية وقد جرى عبر التاريخ نشر الفكر الديني عبر وسائل مختلفة سواء عن الطريق التبشير أم عن طريق الفتوحات العسكرية، وبالعادة يقترن نشر الأفكار بمصالح سياسية واقتصادية ونفوذ معنوي مع نشر الفكر من دولة كبرى لدول أخرى وليس الأمر طوباويا دائما، إن نشر الديمقراطية الآن هو كعملية نشر الشيوعية والاشتراكية في مراحل سابقة، الدول القوية في أوروبا وأمريكا أنجزت نظاما ديمقراطيا وهو أفضل ما أنتجه الفكر الإنساني لحد الآن ويسعون لنشره في كل العالم، ليس بهدف إنساني وأخلاقي فقط، بل لنشر وتعميم نموذجها السياسي الذي سيصب في مصلحتها، ولكن نشر الفكر الجديد يتطلب بيئة صالحة ومناسبة لانتشاره، ومن الخطأ أن تنقل التجربة ميكانيكيا دون الأخذ بالاعتبار طبيعة وقيم وواقع البيئة الجديدة، والفترة الزمنية الكافية لهضم واحتواء البيئة الجديدة لهذا الفكر، وبالمناسبة البيئة السورية لا زالت قابلة لاستيعاب الفكر والنموذج الديمقراطي، وقد مارست التجربة الديمقراطية بنجاح في فترة الخمسينات قبل تحول النظام السياسي للشمولية منذ الوحدة مع مصر ولحد الآن.

س16- لماذا لم يوفق أي طرف من المعارضة بعقد مؤتمر وطني يضم الجميع؟ وهل السبب أن كل منها يطرح نفسه فوق الآخرين، أم النظام متهم بزرع الفرقة؟ وما هي إمكانية عقد مؤتمر وطني عام يضم الجميع، وما هي آلية ومقياس التمثيل حتى لا يتم إقصاء أي طرف؟
ج16- المعارضة الحقيقية هي في الداخل ، وهي قوى إعلان دمشق، وفكرة عقد المؤتمر الوطني قائمة ويخطط لها، وهي مسألة تتطلب بعض الوقت، وقد حدث تعثر وتأخر في الفترة السابقة بسبب عدم استكمال الهيكلية وصعوبات موضوعية أخرى ، ولكن المؤتمر سيعقد في وقته المناسب.

س17- يرى بعضهم أن المعارضة مازالت نخبوية ولا تملك قاعدة شعبية وعجزت عن استقطاب الشارع ومتناقضة فيما بينها وتفتقر لوجود برنامج أو برامج حقيقية قابلة للتطبيق، فما سبب المسافة البعيدة بين الشارع والمعارضة وهل يعني أن النظام أقرب للناس من المعارضة؟
ج17- صحيح أن معظم الأحزاب المعارضة لا زالت نخبوية ولم تتمكن من استقطاب الشارع، عدا أحزاب الأقليات القومية التي تمتلك امتدادا واسعا في وسطها الشعبي، ولا أعتقد بوجود تناقض كبير فيما بينها، بل يوجد تنوع واختلاف في التقييم والرؤي وهذا أمر طبيعي، وهي جميعا تفتقر لبرنامج سياسي عملي مفصل لأنه لا يمكن أن تضع برنامجا قابلا للتطبيق وأنت في وسط ساحة سياسية تفتقر لوجود هامش ولو ضيق من حرية للعمل السياسي، وسبب البعد القائم بين الشارع والمعارضة يعود لترسخ عقدة الخوف من السياسة لدى عموم الشعب السوري، والنظام ليس أقرب للناس من المعارضة، فالناس عموما عزفت عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية كنتيجة للخوف وحالة الإحباط وانعدام الثقة بإمكانية التغيير بعد وعود متكررة بالإصلاح لم تتحقق على أرض الواقع.

س18- المعارضة لا تملك حرية الحركة ومعظم قادتها ممنوعون من السفر ولا تملك المال ولا العلاقات الخارجية ولا شهرة على الساحة السورية ولا تملك برامج تطبيقية إصلاحية ولا وزن لها لدى النظام وهو يقمع وهي ترجو.. فهل يمكن التعويل على هكذا معارضة بالتغيير؟
ج18- تبدأ الثورات والتغيرات الكبرى أحيانا انطلاقا من حدث صغير يحدث في قرية وربما في حارة شعبية ويتطور ويكبر ككرة الثلج عندما تكون الظروف الموضوعية والذاتية مهيأة للتغيير وعندما تكون الناس ملت من الانتظار، لذلك لا أرى مبررا لليأس، لا بد أن يأتي التغيير وإن طال الزمن قليلا، والمعارضة برأي هي الآلية وكرة الثلج الواعدة والرافعة الموضوعية للتغيير.

س19- في الغرب يتعاطى السياسة من يملك رأس المال، بينما في الشرق يمتهن السياسة ليملأ الجيوب بالمال، ولا يوجد ثري سوري ينشط في صف المعارضة فيما لو استثنينا أكثم بركات.. فما موقفكم من استثمار المال في السياسة وإشراك رأس المال السياسي في عملية التغيير؟
ج19- السياسة هي إدارة مجمل مصالح المجتمع، وفي الغرب حيث يسوده أنظمة ديمقراطية ، جميع شرائح المجتمع تمارس السياسة كل بطريقته، سواء من خلال الأحزاب أم من خلال مؤسسات المجتمع المدني، أما في دول الشرق الشمولية فالسياسة حكر على الطبقة الحاكمة وحلفائها أحزابا وقوى وشخصيات، وتكون ممارستها كمعارضة محفوفة بالأخطار ومآلها السجون والمعتقلات والمطاردات، وعليه فلا يمارسها إلا نخبة قليلة ممن تضع نفسها دوما في مواجهة المخاطر. وأعتقد أن أصحاب المشاريع والاستثمارات عدا من يعيشون في الخارج غير قادرين على الجمع بين الحالتين، رغم أهمية مشاركتهم.

س20- ما هو موجز رؤيتكم للتغيير، أم أنكم فقط تعارضون الموجود ولا تملكون رؤية لشكل البديل عنه؟
ج20- هدفنا هو الوصول لنظام ديمقراطي علماني قائم على مبدأ المواطنة وشرعة حقوق الإنسان في ظل هوية وطنية سورية تحتوي وتقر بالتنوع القومي والديني والسياسي. في سوريا وطنا نهائيا لكل أبنائها. ونعتقد أن تحقيق هذا الهدف لن يأتي إلا عبر نضال طويل وعبر تحولات وإنجازات وإصلاحات تراكمية عبر شتى أنواع النضال السلمي الديمقراطي. ونعتقد أن الآلية المتوفرة في المرحلة الحالية أمامنا وأمام القوى الديمقراطية هو بالسير قدما عبر الأطر التحالفية ومنها ” إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي” مع فتح الباب للتنسيق مع كل القوى السياسية السورية ذات المصلحة الحقيقية بنقل سوريا إلى الحالة الديمقراطية المنشودة، وأعتقد أنه كلما قويت المعارضة زادت فرصة اقتناع النظام للبدء بالإصلاح، وأنا أتمنى أن يتوفر لدى النظام قناعة وإرادة حقيقية للإصلاح السياسي وأن يبادر هو بالذات لفتح هذا الملف، وذلك سيوفر على البلاد أزمات وانكسارات وربما فوضى لا أحد يتمناها.

س21- لا يوجد آلية لإجراء إحصاءات دقيقة لعدد المعارضين وكل متذمر ينشيء موقعا على الانترنيت ينعته بموقع الحزب ويفاخر بأن مظاهرات ستعم المحافظات من مؤيديه، وكذب البحر الغطاس، فما مدى التعويل على أدوات غاندي في الاعتصام والمظاهرات وجدواها في سوريا اليوم، والنظام يخرج الألوف في مسيراته؟
ج21- أعتقد ما تقصدونه في بداية سؤالكم يعني الآلة الإعلامية لرفعت الأسد التي أعلنت منذ عام أن المحافظات السورية تستعد لاستقباله، والكل يعلم عدم جدية مثل هذه الكلام، أما خيار طريقة غاندي أو أي طريقة لعمل سياسي سلمي معارض مشابه لها فليس برأيي مستحيلا وقوعه.

س22- من هو المعارض السوري، وبما يتميز عن غير المعارض أو المحايد؟
ج22- المعارض الحقيق عموما من يلتزم بحزب سياسي معارض أو أن يكون شخصا مستقلا يحمل فكرا سياسيا معارضا ينشط من خلال قلمه أو من خلال أنشطة سياسية مختلفة أو قد يكون مؤيدا لأي حزب معارض.

س23- كيف ستأخذ المعارضة الطابع الشعبي دون وجود أحزاب معارضة حقيقة لها قواعدها ؟!
ج23- أعتقد أنني سبق وان أجبت على مضمون مثل هذا الموضوع.

س24- المعارضة تفتقر للإعلام ولا تملك حتى محطة راديو متنقلة، ولولا الانترنيت لما سمع بها أحد.. وهو في سوريا محجوب، فكيف يصل صوتكم للناس هناك؟
ج24- يصل صوت المعارضة للناس من خلال الأدبيات ومن خلال الأنترنيت الذي أصبح في متناول معظم المهتمين بالشأن العام وهو منبر مهم في إيصال خطاب المعارضة للناس، ورغم محاولات حجب بعض المواقع فإن فك هذا الحجب أصبح في متناول متابعي الأنترنيت ولا جدوى من المنع، فضلا عن اللقاء المباشر مع الناس.

س25- ما سبب النفور من المعارضة وأحزابها وعدم استقطابها للشارع والمؤيدين؟
ج25- لا يوجد نفور من المعارضة بل العكس تماما، فالمعارضة السورية لها احترام كبير في الشارع وعبر عديد من رموزها، وقلنا أن سبب عدم قدرتها على استقطاب واسع للشارع يعود إلى عقدة الخوف من السياسة التي تأصلت عبر عقود أربعة من السنين.

س26- ما فائدة تشكيل حكومة مؤقتة ولا أحد يدعي لإسقاط السلطة بل لترميم النظام؟ وما هي إمكانية أن يصلح النظام من شأنه ويرمم نفسه ويصلح البلد خصوصا وهو الذي يملك المال والمعارضة لا تملك حتى حق الكلمة والتعبير عن أغراضها؟

ما فائدة معارضة لا تسمن ولا تغني عن جوع؟ وألا ترى ان الحرس القديم في المعارضة أكثر من النظام؟
ج26- نحن ومعارضة إعلان دمشق لم نطرح شعارا من هذا النوع، ولا نرى جدوى عملية له، وكما قلنا أن إمكانية أن يصلح النظام من نفسه هي ممكنة وأنا أفضلها وأتمناها، إلا أن إمكانية حدوثها تبدو بعيدة، وقد انتظرت الناس أكثر من عام بعد الوعود ببدايات إصلاحية بعد مؤتمر حزب البعث العاشر إلا أن هذا الانتظار لم يسفر عن شئ، وحتى ما قرره المؤتمر من إصدار قوانين جديدة تخص الأحزاب والانتخابات وغيرها لم تنفذ. أما عن سؤالكم بما هي فائدة المعارضة طالما هي ضعيفة نقول أن مجرد وجود معارضة ومعارضين وإرادة معارضة في ظل حالة الطوارئ وقمع للمعارضين هو إنجاز وعمل كبير، فكم قلنا أن المعارضة القائمة هي كرة الثلج التي ستكبر لتشكل تيارا قادرا على التغيير عبر مختلف أشكال النضال السلمي الديمقراطي، أما ما تصفه بالحرس القديم في المعارضة فأنا أسميه برموز وطنيين كبار نفخر بهم ويفخر بهم الشعب السوري.

س27- كيف تقيمون عمل ونشاط مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية التي تتوالد كالكمأ بعد زخة ربيعية؟ وما مدى استقلاليتها وجدوى نشاطها؟
ج27- إن مؤسسات المجتمع المدني كلجان إحياء المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان قامت وتقوم بعمل جيد، وقد قدم رموزها نضالات وتضحيات نحترمها، ونعتقد أن لها دور ممتاز في تشكيل ثقافة سياسية شعبية ورأي عام وطني معارض، وتساهم في كسر جدران التردد في وعي الرأي العام .

س28- كيف ترون سوريا الغد، وما هي آفاق الخلاص؟
ج28- نرى سوريا الغد دولة ديمقراطية نموذجا في المنطقة. وآفاق الخلاص هي بالتحول للديمقراطية بأمان وهدوء دون خسائر .

س29- تسري إشاعة في الشارع السوري مفادها أن خدّام عبارة عن لعبة سياسية لإفشال مخططات المعارضة الوطنية، هل يمكن الأخذ بهذه الإشاعة أم لا ؟
ج29- لم أسمع بمثل هذه الإشاعة ولا منطق فيها ولا يمكن الأخذ بها.

س30- ما طبيعة العلاقة بين المعارضة الداخلية والمعارضة الخارجية، وما سبب الشرخ بينها ؟
ج30- المعارضة السورية في الداخل ( إعلان دمشق) باعتقادي هي الأساس في التأثير والفاعلية على الأرض، وهذه المعارضة لها امتدادا في الخارج من خلال فروع أحزابها أو مؤيديها ومناصريها هناك ولا بد أن تنشط في توصيل خطاب المعارضة في الداخل إلى الجاليات السورية في الخارج وإلى مجمل الرأي العام الدولي نظرا لما يتوفر من مساحات واسعة للعمل خصوصا في المجال الإعلامي. أما بالنسبة للأطر المعارضة المشكلة في الخارج والتي لا وجود علني لها في الداخل، كجبهة الخلاص مثلا، فلا علاقة بينهما، لأن لكل منهما برنامجا سياسيا مختلفا وأسلوب عمل مختلف. ولا يمكن أن نسمي عدم العلاقة شرخا، فالمعارضة برأيي معارضات ، كل له برامجه وأساليب نضاله .

س31- كيف تفسر علاقة البيانوني مع خدّام ؟
ج31- علاقة البيانوني مع خدام علاقة مصلحية مؤقتة ولا يمكن أن تكون مبدأية، كل يحاول أن يستثمر نقاط القوة الموجودة عند الآخر للوصول لأهدافه الخاصة وبعدها تبدأ الخلافات.

س32- ما هو سبب انتقال البيانوني من الخطاب المتشدد إلى الخطاب المعتدل ؟
ج32- لا أعتقد أن الخطاب عند البيانوني قد تغير ، ولا يمكن أن يتغير ، طالما أن برنامجه السياسي هو إقامة دولة دينية، وهو سيقيمها إذا وصل للسلطة، وهذا أمر بديهي لأن هذا هو هدف حزبه، وهو إن وجد إمكانية الوصول إلى السلطة عبر الآليات الديمقراطية وصناديق الاقتراع فلن يضره ذلك وسيقبل بالديمقراطية وسيلة وآلية للوصول للهدف، ولكن العبرة في النتيجة، فهو إن وصل فلا بد له من تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية والدولة الدينية، ولذلك لا أرى تغيرا جوهريا في خطابه.

شاهد أيضاً

فيديو | من هم مسيحيّو سوريا؟ كرم دولي يتحدث لنورث برس عبر برنامج واشنطن اونلاين

24-06-2021