يثير كتاب وباحثون غربيون مشكلة الاقليات في المناطق المتنازع، ويرون انها وقعت وسط صراع السلطة بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم الكردي، ولاسيما ما يتعلق بصراع المصالح على الاراضي ومصادر الثروة.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا لمنظمة العفو الدولية فان ابناء هذه الاقليات يفقدون ارواحهم نتيجة هذا الصراع، فيما يشير تقرير لوكالة الانتربرس الى إن ابناء تلك الاقليات يعتبرون اهداف للقتل وتفجيرات السيارات التي تلقى مسؤوليتها على المجموعات السنية المتشددة والتي تنظر الى المسيحيين واليزيديين والشبك باعتبارهم "صليبيين" او "ملحدين"، الامر الذي تسبب بموت المئات منهم منذ سنة 2003.
وتتهم الاقليات العراقية في المناطق المتنازع عليها الحكومتين المركزية والكردية بانهما وراء الهجمات او انهما وقفتا جانبا وسمحتا بحدوث تلك الهجمات من أجل كسب دعم تلك الاقليات والسيطرة الكلية على تلك المناطق، من خلال التقدم بمعالجات وحلول بعد وقوع الكوارث. وأبلغ احد الفلاحين منظمة العفو الدولية بعد تفجير قرية خزنة تبه الشبكية في اب الماضي:"الجميع سوف يبدأون باظهار عضلاتهم والقول بانهم يريدون حمايتنا، ولكن الجميع يريدون التضحية بنا من اجل اهدافهم، ونحن نلقي المسؤولية على حكومة نوري المالكي والحكومة الكردية لكل القتل الجماعي الذي نواجهه". وقال مسؤول كردي لصحيفة النييورك تايمز في شهر اب :" انهم يريدون قتل عصفورين بحجر واحد، يقتلون الشيعة، ويلقون بالمسؤولية على الاكراد"، وهو يشير الى القاء المسؤولية على الشيعة بسبب تلك الهجمات. بينما اتهم نائب سني الحكومة الكردية بالهجوم على مجموعات الاقلية، وقال لصحيفة الواشنطن بوست في اب الماضي :" اذا لم يكن الاكراد فمن ؟ من غيرهم يملك السلطة والاسلحة والرغبة في السيطرة على هذه المناطق ". ونقلت وكالة الانتر برس عن الباحث (جوزيت هلترمان) نائب مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المجموعة الدولية للازمات قوله :" في قلب هذا الموضوع هو النزاع حول الارض ومن يسيطر عليها وهذا يعني بان الاقليات يتم مغازلتها بطرق لطيفة وغير لطيفة من اجل الحصول على ولاءهم، وهي محاولة لضمان ولاء الاقليات بطريقة او اخرى".واستنادا الى منظمة العفو الدولية، فان المحافظة الشمالية نينوى هي دستوريا تحت الصلاحية العربية، ولكن السلطات الكردية حركت قواتها الامنية وادارتها السياسية بصورة صامتة الى الاقليم في سنة 2006، حينما انشغلت الحكومة المركزية باحداث العنف الطائفي التي اندلعت بين الشيعة والسنة. وبعد ان توقف العنف في هذا العام، فقد استيقظ العرب على التهديد الجديد، وهو الاحتلال الكردي للمحافظة. ويزعم الاكراد ان نينوى كانت موطنا لمئات الالاف من الاكراد قبل ان تجبر الحكومات العراقية السابقة (ومنها حكومة صدام حسين) الاكراد على تغيير قومياتهم.
ويريد الاكراد الان السيطرة على الارض ويريدون اعتبار الاقليات في نينوى جزء من الشعب الكردي، كما تقول منظمة العفو الدولية. يقول خسرو كوران نائب محافظ نينوى السابق :" اليزيدون والشبك هم اكراد، 90 % منهم يوافقون على ذلك، وهم من الاكراد الاصليين، والموضوع المهم لكل شعب هو اللغة – واللغة الوحيدة التي يتكلمونها هي الكردية ".وقد حصلت مفوضية الامم المتحدة في العراق على تقارير بحصول تعسف فعال ومضايقات مستمرة ضد الشبك بسبب افتقاد ولاؤهم المفترض للمنطقة الكردية وبسبب اهانة القادة الاكراد استنادا الى تقرير المفوضية المذكورة عن حقوق الانسان لسنة 2008.
وأقرت الحكومة المحلية في محافظة نينوى بوجود خروقات كبيرة في حقوق الأقليات في المناطق المتنازع عليها لوجود ميليشيات وأحزاب تسيطر على تلك المناطق، معتبرة إياها "مناطق خارجة عن القانون". وقال دلدار زيباري، نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، وهو كردي، إن "سيطرة الميليشيات والأحزاب الكردية على تلك المناطق المتعايش فيها، وليس المتنازع عليها، قد فرضت على المنطقة وضعا خارجا عن القانون"، مؤكدا أن "هذه الميليشيات تقوم بإطلاق النار على المنازل التي يقطنها المسيح أو الشبك أو اليزيدية مهددين أصحاب البيوت بالقتل في حال عدم التحدث بالكردية".وقال زيباري إن "المدارس في تلك المناطق تدرس اللغة الكردية أيضا بشكل قسري"، مضيفاً أن "الفرقة الثالثة التابعة للجيش العراقي خضعت للمحاصصة أيضا وهي تضم ضباطا أكرادا فقط وهم يسيطرون على تلك المناطق ويقومون بالاعتقالات والتصفيات بالشكل الذي يخدم مصالحهم الحزبية".وقال زيباري إن "مطالبات رفعت من قبل الحكومة المحلية في الموصل إلى الحكومة المركزية في بغداد لإيجاد حل لهذه المشكلة التي يعاني منها أبناء الأقليات في تلك المناطق، وجعل سلطة القانون للحكومة للسيطرة على الأوضاع هناك وليس للميليشيات"، وزعم أن الميليشيات الكردية تعمل على تغيير الوثائق الرسمية لهذه الأقليات ليكونوا من الأكراد. وكان تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي تضمن تفاصيل مؤكدة عن الاعتقالات التعسفية والاحتجازات والاكراه بالخوف والعنف المنسوبة للسلطات الكردية.
وادعى احد عمال البناء الشبك بانه اعتقل من قبل المسؤولين الاكراد بعد ان اتهم بانه اسقط علما كرديا اثناء مباراة لكرة القدم في سنة 2008، وقال بانه اخبر :" انتم الشبك، اكراد، واذا لم تنتخبوا قائمتنا، فسوف نقتلكم داخل قراكم". وقد قادوه الى الى منطقة في احد الشوارع الفرعية غير المعبدة واشاروا الى الصحراء، وقال له عناصر من قوات الامن الكردية :" نسنطيع قتلك الان ولا احد سيعرف حتى بذلك ".لكن هلترمان يقول :" من غير العدل وضع المسؤولية فقط على الاكراد لهذه النتائج، وقد فعل العرب الشيء نفسه. واثناء سنوات صدام فقد اجبر الشبك على الاعلان عن نفسهم بانهم عرب حتى مع ان العديد يرون انفسهم بانهم اما شبك او اكراد، واليوم العكس هو الصحيح، فانهم لايستطيعون الفوز ". وفي محاولة لحماية منازلهم من الهجمات المستقبلية، فان بعض المجموعات حفرت الخنادق حول قراهم وتركوا طريقا وحدا محروسا للدخول والخروج، كما حدث في قرية خزنة تبه الشبكية بعد تفجيري اب الماضي. ويتخوف هلترمان – من الحل القصير الامد، وقال لوكالة الانتربرس :" في النهاية، فان العدو سوف يأتي بدلا من ذلك من السماء، والطريقة الافضل هي للسعي للحصول على الحماية من المجموعات الكبيرة، ولكن ذلك يجعلهم اكثر من هدف، لانهم الان سيكونون قد اعلنوا عن ولاءهم، وفي الامد البعيد فان الطريقة الامثل هي ترويج فعال للحل السياسي لمسألة الاراضي المتنازع عليها والتي تلائم الاقليات وتحترم حقوقهم دستوريا ". وتطالب منظمة العفو الدولية السلطات الكردية والعربية معا بالتحرك لوقف العنف، وقال جو ستروك نائب مدير المنظمة للشرق الاوسط لوكالة الانتر برس :" ما هو مطلوب حاليا هو تعهد من الحكومة المركزية والمحلية والحكومة الكردية، بان حماية الاقليات هي من قمة الاولويات". واضاف:" هذه الاقليات عانت بشكل كبير لحد الان، بموازاة الاكراد وبعض العراقيين. ويجب ان لا يكونوا ضحية الصراع من اجل السيطرة هذه المناطق المتنازع عليها في سهل نينوى ".