هذه الجريمة جاءت استمرارا لذهنية الاستئصال والاجتثاث التي كرسها الاتحاديون الأتراك الذين خططوا ونفذوا جريمة الإبادة الجماعية( السيفو ) أثناء الحرب العالمية الأولى بحق المسيحيين من مواطني السلطنة العثمانية، وذهب ضحيتها ما يقارب نصف مليون إنسان من أبناء شعبنا في حيكاري وطور عبدين وآمد( دياربكر) أورميا وماردين وآزخ وسعرت وخربوط وغيرها في واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية التي شهدتها الإنسانية.
مجزرة سيميل التي خطط لها مجموعة نهلت من إرث الاتحاديين الأتراك وتشبعت بالفكر الفاشي، تأثيراتها المأساوية لم تقتصرعلى شعبنا فقط، بل كان لها تداعيات كارثية على المستوى الوطني العراقي. إذ فتحت المجال أمام العسكر للتحكم بالحياة السياسية، وأسست لثقافة العنف، ومهدت الطريق للقضاء على التنوع القومي والديني عبر سياسات التطهير العرقي والطائفي التي اتبعتها لاحقا حكومات وقوى عراقية مختلفة. ما جر الخراب على العراق، ومنع قيام دولة وطنية عصرية تقوم على أسس العلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وينعم كل مواطنيها بالعدالة والمساواة.
تتكرر اليوم مأساة شعبنا في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي في استعادة لسيناريو الانتداب البريطاني ويجبر شعبنا على دفع فاتورة احتلال جلبه آخرون، حيث يتعرض أبناؤه إلى شتى أشكال الاعتداء من قتل وخطف وتطهير وتهجير قسري، وتفجير للكنائس واعتداء على الأملاك على أيدي قوى التطرف الديني والقومي في مخطط يهدف إلى إفراغ العراق من سكانه الأصليين.
إن المجتمع الدولي يتحمل بلاشك جانبا كبيرا من المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه توفير الحماية لشعبنا، غير أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الحكومة والنخب العراقية في وقف الاعتداءات وتأمين الحماية الكاملة لشعبنا الذي يدفع اليوم ضريبة تمسكه بهويته القومية والدينية، وتشبثه بأرض وطنه.وعليها تقع مسؤولية طمأنته إلى مستقبله ووجوده من خلال التشريع الدستوري لكافة حقوقه القومية بما في ذلك الحكم الذاتي، وكذلك تضمين الدستور بالمآسي التي حلت به أسوة بالمظالم التي وقعت على باقي مكونات العراق الأخرى لتتعظ منها الأجيال المقبلة، وتفاديا لتكرارها، وترسيخاً لمنطق العيش المشترك، وإعلاء قيم الأخوة والتسامح والشراكة والصفح والاعتذار وقبول الآخر باعتبارها قيما كونية يوفر العمل بها الأسس الصالحة لبناء مجتمعات مدنية متصالحة مع نفسها وقادرة على مواكبة العصر بما يحقق التقدم والازدهار لأبنائها.
إن الاحتفال بعيد الشهيد واستذكار تضحيات شهدائنا مار شمعون بنيامين، آشور يوسف، توما أودو، أدي شير، فرنسيس شابو، إيشوع هدايا، اسكندر بولص، فرج رحو.. وكافة شهداء السيفو وسيميل وصوريا والشهداء الذين لم تجف دماؤهم بعد في العراق. ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة لشعبنا، ليس من أجل إثارة الأحقاد وتنمية نوازع الثأر البعيدة كليا عن ثقافتنا وقيمنا، وإنما من أجل التأكيد على تشبثنا بالحياة و رفضنا للموت وفضح كل من يسعى لنشر ثقافة الموت والكراهية، وكذلك من أجل استلهام العبر والمبادئ التي ضحى من أجلها شهداؤنا، وجعلها إطارا لتوحيد جهود وطاقات أحزابنا ومؤسساتنا في الوطن والمهجر، والتحرك معا على جميع الأصعدة الوطنية والدولية لوقف هذه المأساة التي يعيشها شعبنا في العراق وكشف مخاطرها على مستقبل التنوع والتعايش في المنطقة برمتها، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بتضافر كافة الجهود المخلصة في شعبنا والتعاون مع جميع شركائنا في الوطن.
تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا ووطننا وشهداء الحق والحرية في كل مكان
– سوريا 4 آب 2009 م 6759 آشورية
المنظمة الاثورية الديمقراطية
المكتب السياسي